للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجامع، وكذلك المناور التي فوقه فوجدوها قد سُدَّت ويُيَضَتْ، فقال في هذا اليوم ماذكر، فقلت له: "إن كان ثبت عند مولانا السلطان فليحكم بهدمه ونحن ننفذ حكمه"، فتوقف.

فبلغ ذلك علمَ الدين البلقيني، وكان وقع بين أخيه القاضي جلال الدين وبين ابن النقاش منازعة بسبب نظر وقف فى مجلس الأمير الكبير يشبك، فاستطال ابن النقاش على الجلال، فغضب وقال: "حكمت بِفِسْقِك، وعزلتك من وظائفك لكوْنك بنيْتَ بيْتكَ في رحاب الجامع"، فلم يلبث أن أعاده بعد ثلاثة أيام، ولكن سطّر هذا المجلس وبقي عندهم فتوجه البلقيني إلى العيني واجتمعا بالسلطان ونصحا له بذلك فأصغى لهما وأعجبه.

فلما كان عند التهنئة برجب أظهر لي المحضر المذكور فعرَّفْتُه أنه لا يفيد، وكان تاريخه سنة خمس وثمانمائة، فسكن إلى أن كان ما سنذكر.

رجب: أوله الجمعة، ثم ثبت أنه رئى ليلة الخميس (١) وأدير المحمل في النصف منه وكان حافلًا والجمع وافرا.

وفى يوم الاثنين الخامس منه عقد مجلس بالقصر وادّعى فيه نور الدين بن أقْبَرس نائب الحكم -بطريق الوكالة عن السلطان- عند القاضي المالكي عند قرقماس بحكم غيبته بالاسكندرية فى السّجن بأنه بايع السلطان وحلف له ثم خرج عليه وشقّ العصا وشهر السّلاح، وقتل بسببه جماعة، فقامت البينة، وحكم القاضي بموجب ما شهد فيه فسئل عن موجبه فقال: "يجوز للسلطان قتلُه"، فضبطوا عليه هذا الجواب.

وجُهّز بريدي إلى الإسكندرية بقتله بعد أن يقرأ عليه المحضر ويقرر له، فَقُرئ عليه، فاعترف بما شهدت به البيّنة فقتل (٢).


(١) هذا هو التاريخ الصحيح طبقا لما جاء فى جدول سنة ٨٤٢ في التوفيقات الإلهامية.
(٢) جاء في هامش هـ بخط البقاعي التعليق التالي: "أخبرني القاضي ناصر الدين محمد بن القاضي شمس الدين محمد الزفتاوي أمام النائب بالاسكندرية إذ ذاك تمرباي أنه حضر ضرب عنقه، وأن السياف ضربه ضربة فلم تصبه شيئا، ثم ضربه اخرى فلم يخلص رقبته، فأكمل قطعها بسكين، وذلك وفق ما دعا به عليه شيخنا العلامة الصالح شمس الدين محمد بن علامة الاقراء سيف الدين أبى بكر بن الجندي الحنفي، كما حدثني به القاضي الفاضل شمس الدين محمد بن الأمشاطي الحنفي، وذلك أن قرقماس كان يبغض الفقهاء ويحب أن يوصف بالحذق بالأحكام والعظمة وكل ما ينشأ عنه رعب في القلوب، فادعى على الشيخ شمس الدين عنده بدعوى كان فيها مظلوما فأذاه. قال القاضي شمس الدين: فلما انفصل منها جئت إليه فأخبرنى بذلك وقال: اللهم لاتمت قرقماس إلّا مضروب الرقبة ممن لا يحسن ذلك ليزداد عذابه، إن في ذلك لعبرة".