آلات الحصار من مكاحل وسلالم وغيرها، واشتدّ الخطب يوم الثلاثاء ثاني عشرى شوال، فحصل من جماعته من الفساد ما لا يُعَبَّر عنه، فأحرقوا الزروع، وأخربوا القرى من شَيْزر إلى حلب، ونودي بقتاله، ونشبت بينهم الحرب فقُتل من الطائفتين جماعة، وفي جميع ذلك كانوا ظافرين عليه، واستمروا على ذلك إلى يوم الأحد رابع ذى القعدة، فرحل عن حلب بعْد أن أيس من الظفر بها، وخرج أهلها فى إثْره فنهبوا آلات الحصار، وسار هو إلى أن نزل مَرْجَ دابق، وأقام به إلى يوم الجمعة تاسع ذي القعدة، وعاد إلى ناحية حلب، فرمَى شرقيها يوم السبت ولم يقاتل، ونزل من الجهة القبلية.
ثم بلغه طروق العسكر المصري فرحل يوم الأحد إلى ناحية حماة، فالتقى العسكران قرب حماة فلم يلبث أن انكسر هو وابن سَقَلْسِيز، ففرَّ إلى الجهة الغربية، وانهزم العربُ إلى الجهة الشرقية، وذلك فى السادس عشر من ذى القعدة، ثم توجه إلى جهة بالس ثم استمر إلى الشغر ثم إلى الجبل الأقرع، فنزل على ابن حيوص التركماني -وكان معه- فأضافه ثم باطن عليه الفلَّاحين بتلك النّواحي فأمسكوه وأمسكوا معه "طرْعَلي" وجماعة، فوصلوا إلى حلب وأدخل طرعلي على جمل، وذلك في يوم الخميس ثاني عشري ذي القعدة، فأودع هو وتغرى بَرْمُش بالقلعة".
انتهى ملخصا.
* * *
وقرأت بخطّه أيضا أن النائب المذكور في هذه الكائنة ظهر منه من سوء الطوية مالا يُعَبر عنه، وأنّه ومَن معه أفسدوا من زروع الناس ودورهم شيئًا كثيرًا بالحريق وغيره بحيث أنه أفحش في غالب ماحولها من القرى، وأنّه لما كُسر الكسرة الأخيرة غنم العسكر المصري من المواشي مالا يدخل تحت الحصر، بحيث بيع الجمل بثلاثين درهمًا، والشاة بخمسة دراهم.
وفيه أن المذكور لما نزل بالجبل الأقرع بات ليلته وتوجّه بكرة الأحد تاسع عشر ذي القعدة قاصدًا أنطاكية، فوصل إلى دربند (١) هناك فاجتمع عليه وعلَى مَن معه جماعة من