بطريق الإيصاء والتحدث، وخلص لهم الدار العظمى بشاطئ النيل، وكان هذا حسن الصورة، دخل مع والده اليمن وهو صغير سنة ثمانمائة، ثم صار يسافر به معه ويقربه أكثر من أخيه الأكبر محمد الذي تقدم ذكر موته، واشتغل هذا قليلاً وصار أنبه من أخيه مع بأو زائد فيهما، ليس له سبب إلا دناءة أصل جدهما والد بدر الدين. وكان بدر الدين في غاية التضاع لكنه حصل له مال طائل فصار إلى ولديه فعظمت أنفسهما وانتسبا إلى كنانة، فقال لي بعض المصريين: لعل أصلهما من منية كنانة بالقللوبية فإن أكثر أهلها نصارى، وكان القائل يعتمد على قول الشيخ شمس الدين الغماري أنه رأى سويداً وهو بالعمامة الزرقاء يبيع الفراريج والقفص على رأسه - والعلم عند الله! ورأس وجيه الدين بعد أبيه وصار المشار إليه بمصر، ولازم يشبك الأعرج الامير الكبير في دولة الأشرف فكان يتقوى به في أموره، ثم لازم جوهر الخازندار الأشرفي فعظم أمره وتقوى به في أمور كثيرة، وكان ابتداء ضعفه في ربيع الأول فانتقل من مرض إلى مرض إلى أن غلب عليه الزحير ثم حبس الإراقة، فلما قوي البرد اشتد به ثم انحلت قواه إلى أن مات في ليلة السادس من شعبان، وصلى عليه بجامع عمرو؛ وتقدم في الصلاة عليه القاضي المالكي، في ساعة دفنه حضر من ختم على حواصله في منزله وغيره من جهة السلطان، لأن بعض أتباع الخازندار رافع فيه على ما قيل، ثم أطلق ولده وفك الختم على منزله صبيحة ذلك اليوم.