للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى يوم الأثنين ثانى المحرّم استقر (١) الشيخ ولي الدين [محمد] السَّفْطي -شيخُ المدرسة الجمالية (٢) - في نظر الكسوة، مضافًا إلى وكالة بيت المال، وركب النّاس معه أيضا.

وفي الثالث منه أمر ناظرُ الجيش (٣) دويداره (٤) بإحضار ما في منزله من الذهب، فكان ثلاثين ألف دينار، فاستقلها السلطان، فاستأذنه ناظر الجيش المذكور في بيع موجوده، فأذن له، وشرعوا في بيْع جميع ما عنده فى الحواصل (٥) فوصلت مصادرته في اليوم العاشر إلى مائة ألف دينار وثلاثين ألف دينار، والطلب مستمر. وقيل إنه طُلِبَ منه ألف ألف دينار، وأنّ بعض الوسائط أنزلها إلى خمسمائة ألف دينار، ولم يثبت ذلك، وصودر كاتبه (٦) على عشرة آلاف دينار، ثم خُفِّفَ عنه منها الخمس، و [صودر] الأستادارُ على عشرة آلاف فبَاع دورَه وأثاثه، وشرع في وزنها وضمن عليهم وأطلقوهم.

وأُطلق ضفدع، وابراهيم الكاتب بغير شيء.

وكُثرَت الأمتعة والملابس الفاخرة بأيدى النّاس من كثرة ما أبيع من حواشي المشار إليه ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ (٧).

ومن أعجب ما يُذكر أن جميع منادميه صاروا مُلازمين لكاتب السرّ، طمعًا في استمرار جهاتهم وجاههم. والله ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ (٨).


(١) كان السفطي إذ ذاك مفتى دار العدل "وأحد ندماء السلطان وخواصه" راجع النجوم الزاهرة، ج ١٥ ص ٣٢٨.
(٢) تنسب هذه المدرسة إلى بانيها الوزير علاء الدين مغلطاي الجمالي وجعلها مدرسة للحنفية وخانقاها للصوفية وكان يسكنها أكابر فقهاء الحنفية، وأشار المقريزي فى الخطط ٣/ ٣٦٣ - ٣٦٤ إلى أنها كانت تعد من اجل مدارس القاهرة ولها عدة أوقاف بالقاهرة وظواهرها وفى البلاد الشامية وكان بناؤها سنة ٧٣٠".
(٣) ورد في هامش هـ، بخط البقاعي: "أي الذي كان، وهو عبد الباسط".
(٤) هو استاداره ومملوكة جانبك الزيني.
(٥) وكانت هذه الحواصل بالشام والحجاز واسكندرية. انظر ابن تغري بردي: (طبعة بوبر) ٧/ ١٠٠.
(٦) لا يقصد ابن حجر بهذه الكلمة نفسه وإنما يعني كاتب ناظر الجيش، ويستفاد ذلك مما علق به البقاعي في نسخة هـ على ذلك حين قال: "أى الشرف ابن البرهان الأسلمي الإسرائيلي".
(٧) سورة آل عمران، ١٣.
(٨) سورة غافر، ١٩.