للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحضرَ الشريف بدر الدين حسن الإسكندراني التاجر -وكان يتوكّل عن ناظر الجيش في بيْع البهار من الإسكندرية- فى هيئة شنيعةٍ، فحُبِس بالبرج، وحُوسِبَ إلى أن استقر عليه شيءٌ يسير وأطلق.

ثم لمّا كان بعد ذلك تقرّر على عبد الباسط ثلاثمائة ألف دينار، وكان السلطان ألزمه بستمائة، ثم بخمسمائة تم بأربعمائة، فتكلّموا معه في ذلك فأظهر العجز عن ذلك، وقرّروا مع السلطان أن يكون ثلاثمائة، وأعلموه بذلك، ثم شاوروا السلطان فأنكر أن يكون رضى بذلك، وتغّيظ عليهم وأمر بحبْسه فى البرج فحُبس فى برجٍ مظلم، وضيُق عليه، فأقام به إلى أن قلب (١) الله قلبه وأمر بإخراجه منه، وتسلمه نائب القلعة، فأنزله في غرفة عليّة وهي أعلى بناء في القلعة، فأقام بها أكثر من شهر إلى أن أفرج عنه، وتوجّه إلى مكة في أثناء ربيع الآخر، كما سيأتي بيانهُ إن شاء الله تعالى.

وفي التاسع عشر منه وصل سابقُ الحاج وذكر أنّه فارقهم من عيون القصب، وأنهم بخير.

* * *

وفيه ابتدأت الزيادة فى النيل.

وفي يوم الجمعة سادسه رَفع أمينُ النيل الخبرَ بأنّه يومئذ كان على أربعة أذرع وعشرة أصابع، فزاد على العام الماضى فى النقص خمسة وأربعين إصبعًا واستمرت الزيادة، فكان في النصف من أبيب (٢) -وهو يوم الجمعة العشرون من المحرّم- أنقص من العام الذي قبلَه بأحدٍ وستين إصبعًا، فلم يزل يزيد حتى كان في العشرين من صفر أزْيد من الذي قبله بأربعةٍ وتسعين إصبعًا، فسبحان القادر.

وفي السادس والعشرين منه خُلع على نور الدين بن أقْبرسْ -أحد نوّاب الحكم- بوظيفة نظر البيوتات، عوضًا عن ناظر الجيش، وكانت الخلعة جبة سَمّور.


(١) أى حوله وصرفه عن سجنه والتضييق عليه في البرج المظلم.
(٢) التاريخان العربي والقبطي صحيحان ذلك لأن أول المحرم ٨٤٣ يعادل يوم ٢٠ بئونة سنة ١٥٥ ق: (١٤ يونيو ١٤٣٩) انظر التوفيقات الإلهامية ص ٤٢٢.