للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطريقة الإيصاء والتحدّث، وخلص لهم الدار العظمى بشاطئ النيل، وكان هذا حسن الصورة، ودخل مع والده اليمن وهو صغير سنة ثمانمائة، ثم صار يسافر به معه ويقّربه أكثر من أخيه الأكبر محمد الذي تقدم ذِكْرُ موته، واشتغل هذا قليلًا وصار أنْبه مِن أخيه مع بأو زائدٍ فيهما، ليس له سبب الّا دناءة أصل جدّهما [سويد] والد بدر الدين، وكان بدر الدين في غاية الاتضاع، لكنه حصّل له مال طائل، فصار إلى ولديه، فعظمت أنفسهما وانتسبا إلى كنانة، فقال له بعض المصرييّن: لعلّ أصلهما من منية (١) كنانة بالقليوبية، فإن أكثر أهلها نصارى، وكان القائل يعتمد على قول الشيخ شمس الدين الغماري (٢) أنه رآى سويدًا وهو بالعمامة الزرقاء يبيع الفراريج في القفص على رأسه، والعِلم عند الله.

ورَأس وجيه الدين بعْد أبيه، وصار بمصر المشارَ إليه، ولازم يشبك (٣) الأعرج الأميرَ الكبير في دولة الأشرف، فكان يتقوَّى به في أموره، ثم لازم جوهرًا الخزندار الأشرفي، فعَظُم أمرُه وتقوَّى به في أمور كثيرة.

وكان ابتداء ضعفه في الأول ربيع، فانتقل من مرض إلى مرض إلى أنْ غلب عليه الزَحير (٤) ثم حَبْسُ الإراقة، فلما قوى الأمر اشتدَّ به، ثم انحلّت قواه إلى أن مات في ليلة السادس من شعبان، وصُلّى عليه بجامع عمرو، وتقدَّم في الصلاة عليه القاضي المالكي.

وفي ساعة دَفنه حضر مَن خَتَم على حواصله بمنزله وغيره من جهة السّلطان، لأنّ بعض أتباع الخزندار رافَع فيه على ما قيل، ثم أطلق وَلَده، وفُكَّ الختم عن منزله صبيحة ذلك اليوم (٥).


(١) عرف بها القاموس الجغرافي، ق ٢، ج ١، ص ٤٨ فقال إن هذا هو الإسم القديم لها وهى منسوبة إلى قبيلة كنانة العربية التي نزلت بها ثم حرف اسمها إلى ميت كنانة وهى بمركز طوخ من أعمال محافظة القليوبية.
(٢) في الضوء اللامع ٤/ ٢١٤، ص ٧٤، س ٢ "شمس الدين المراغي".
(٣) راجع ابن حجر: إنباء الغمر ٣/ ٤١٧، ترجمة رقم ٢١.
(٤) الزحير - كما عرفه البستاني في مجمعه الوافي - هو التنفس بأنين وشدة واضطراب.
(٥) جاءت بعد هذا في "ز" الترجمة التالية: "على بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي بن صالح، قال الشيخ رضوان إنه سمع على الشريف النسابة الموطأ رواية يحيى بن يحيى على (بفتح اللام الممدودة) ابن المجد مسند الشافعي وأنه سمع الستة والسيرتين لابن هشام وابن سيد الناس وأنه كتب كثيرًا من أمال العراقي، وكان حسن السمت جيد الخط، وادعى بآخره أنه شريف بسبب منام رآه لا دليل فيه على ما ادعاه، وأخذ تدريس الصلاحية من شمس الدين أخي جمال الدين الاستادار لما نكب أخوه انتزعها منه بواسطة بعض الأمراء وجبن العلماء إذ ذاك خشية أن يعود جمال الدين هذا وقد علق البقاعي في هامش هـ بقوله: "الصواب أنه على بن عمر بن حسن بن حسين بن حسن بن علي بن صالح كذا أملي على نسبه وكتبه لى "ويلاحظ أن البقاعي ترجم له في عنوان الزمان برقم ٣٤٨ فحذف من اسمه "بن حسن، في جدّ جدّه وقدْ حذفنا هذه الترجمة من المتن لأنها هي التي سترد بعدها.