للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ببياض فكان يستره بحمْرة، وكان قارئًا للقرآن محبًّا في حَمَلَتِه، كثير البر لهم، مع شَرِ فيه، وبذاءة لسان وارتكابِ أمورٍ فيما يتعلّق بالمال (١).

سقط عليه جدار فغطاه، فأخْرج منه مغشِيًّا عليه، فعاش بعده قليلًا ومات في آخر ليلة السبت عشرين من شهر رجب.

٣ - تَغْرِي بَرْدِي [بن عبد الله] البُكْلَمُشي، الملقّب بالمؤذى، مات في يوم الثلاثاء ١١ جمادى الآخرة، وهو يؤمئذ الدويدار الكبير، وكان شهما شجاعًا، عارفًا بالأمور، فصيحًا بالعربية، كثير الجمع للدّنيا، وعمر في ولايته الدويداريّة مدرسةً بالصّليبة (٢). وعمل فيها خطبةً، ووقَف عليها أوقافًا غالبها مغتصب، وسُرُّ أكثرُ الناس بموته، لثقل وَطْأتِه عليهم (٣)، وأظنّه قارب السبعين.

٤ - حسن (٤) بن نصر الله بن حسن بن محمد، الأدكوي (٥) الأصل ثم الفوّي، كاتب سرّ مصر، وناظر جيشها وخاصّها، ووزيرها، ثم أستادارها، ثم محتسبها، وُلد في ليلة الثلاثاء ٥ ربيع الأول سنة ٧٦٦ بفوة ونشأ بها، وباشر في جهات، ثم لم يزل يترقّى حتّى ولى نظر الجيش بمصر، ثم وزارتها، ثم الخاصّ بها، كلّ ذلك في دولة الناصر فرج، ثم الوزارة والخاص بها في دولة المؤيّد، ثم صودر مرارًا، ثم ولى الأستاداريّة في دولة الصالح محمد، ثم تحوّل وولى الخاصّ ثانيًا عوضًا عن مَرْجَان الخزندار، ثم ولى الأستادارية ثانيا في دولة الأشراف بَرْسْبَاي، عوضًا عن ولده صلاح الدين محمد، وعُزِل عن نظر الخاصّ بالقاضي كريم الدين بن كاتب جَكَم، أوائل جمادى الأولى سنة ٨٢٨، وعُزِل بعد مدّةٍ، وصودر هو


(١) وقد ذمه أبو المحاسن في النجوم الزاهرة في عبارة قال فيها "إن بقاءه كان عارا على بني آدم".
(٢) ذكر الضوء اللامع ٣/ ١٣٣ أنها كانت في طرف سوق الأساكفة بالشارع قريبا من صليبة جامع ابن طولون.
(٣) وصفه أبو المحاسن في المرجع السابق حـ ١٥ ص ٤٩٧، ٤٩٨ بقوله إنه كان "يعف عن المنكرات والفروج، وعنده شجاعة وإقدم مع بخل وفحش في لفظه، وجبروت وسوء خلق وحدة مزاج، إلا أنه كان مشكور السيرة في أحكامه، وينصف المظلوم من الظالم ولا يسمع رسالة مرسل، كائنا من كان".
(٤) هذه الترجمة غير واردة في هـ.
(٥) نسبة إلى "أدكو" من مدن مصر القديمة بمركز رشيد، وذكرها ياقوت في معجمه بفتح الهمزة، وأشار محمد رمزي في القاموس الجغرافي ق ٢، ج ٢، ص ٢٩٨ إلى أنها وردت بكسرها في تاريخ سنة ١٢٢٨، وهو النطق السائد لها بين المصريين، وأشار إلى أن جوتييه ذكرها في قاموسه باسمين هما THKOBI، TEKEBI وأما نعته في المتن أعلاه "بالفوي". فنسبة إلى فوه وكانت هي الأخرى من القرى القديمة في دلتا مصر، قريبة من البحر الأبيض المتوسط، وقد ذكرها اميلينو - كما أشار القاموس الجغرافي - في جغرافيته باسم POEI - كما وصفها الإدريسي في نزهة المشتاق - حسب ما جاء في محمد رمزي، بأنها مدينة حسنة كثيرة الفواكه والخصب وبها اسواق وتجارات. انظر القاموس الجغرافي للبلاد المصرية ق ٢، ج ٢، ص ١١٣ - ١٥.