للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للغزو، وكان ركوبهم في البحر (١) … ... وساروا ففرقتهم الريح إلى أن اجتمعوا في طرابلس (٢)، وتوجّهوا منها في … ... (٣) فلما كان في السابع من جمادى الآخرة فتحوا بلدًا في جزيرة في وسط البحر تسمَّى القَشْتِيل (٤) (بفتح القاف وسكون المعجمة وكسر المثنّاة من فوق وسكون المثناة من تحت بعدها لام)، وقد شرح لي صاحبنا العلامة برهان الدين إبراهيم بن عمر بن الحسن البقاعي الوقعة فأثبتُّها في هذا التعليق بخطّه منذ توجَّهُوا من دمياط إلى أن توجهوا إلى جهة الدّيار المصرية لتكون قِصَّتُها متوالية:

"وهذا أول سفر الجيش المنصور (٥) من داخل فم البحر كان يوم الأحد رابع عشر ربيع الآخر قاصدًا اللّمْسون من جزيرة قبرص، جعلها الله دار إسلام إلى يوم الدين، آمين.

وكان في المراكب واحد بطيء السّير فكان النّاس يتقدّمونه بحكم الهواء ثم يرجعون بسببه، فتاهوا عن طريقهم فأشرفوا على جبال صيداء إذْ كان قد قلّ ماء بعضهم فأرسى على ساحل بيروت ليلة الاثنين ثاني عشري الشهر تَمُربَاي في خمسة عشر مركبًا فأرسوا على طرابلس في تلك الليلة ووجدنا العسكر الشامي قد توجّه من بيروت إلى قُبْرص في خمسة عشر مركبا يوم الخميس ثاني عشر الشهر، ثم رحَلنا عن بيروت يوم الأربعاء رابع عشري الشّهر والرّيح قليلٌ


(١) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات، ثم جاء في هامش "هـ" بخط البقاعي: "أي الملح يوم الأحد سابع عشر ربيع الآخر".
(٢) علق البقاعي على هذا الخبر في هـ فقال: "لم يجتمعوا في طرابلس بل كان أكثرهم في بيروت وفيهم الأمير إينال وذهب منهم خمسة عشر مركبا منهم أمير البحر تمرباي فألقتهم الريح إلى طرابلس وكان إرساؤهم بها ليلة إرسالها من بيروت ليلة الإثنين ثاني عشري شهر ربيع الآخر ورحلنا من بيروت يوم اتفق رحيل الطرابلسيين يوم الأربعاء رابع عشري الشهر فسكت عنا الريح بعد أن سرنا قليلا ولم تغب عنا جبال بيروت وكان من أمر به من بلاد الشام قد سافروا قبل أن نصل إلى بيروت فاقتضى الرأي إرسال جانبك النيروزي إلى أحد باشات المراكب. وكان في غراب يسير بالمقاديف عند سكون الريح إلى ناحية قبرص لعله يصادف المراكب الشامية فيخبرهم بقربنا منهم، ثم جاءت الريح بكرة يوم السبت سابع عشري الشهر فوصلنا الجزيرة ضحى يوم ثامن عشريه. ووصل إليها من ذهب إلى طرابلس في عصر هذا اليوم".
(٣) فراغ في الأصل بمقدار أربع كلمات.
(٤) أشار أبو المحاسن في النجوم الزاهرة ١٥/ ٣٥٢ إلى أن قشتيل جزيرة صغيرة بجوار ساحل آسيا الصغرى الجنوبي. وكانت في أيدي الفرسان الاسبتارية المتسلطين على رودس. أما الحملة التي أشار إليها ابن حجر في المتن فتعرف بحملة قشتيل الروج، وهي التي أرسلها السلطان جقمق لغزو قبرص والتي كان إمامها للمصلين البقاعي، الذي ترك لنا وصفا للحملة أدرجه ابن حجر بخط صاحبه في الإنباء. وقد اعتمدنا عليه وعلى وثائق الفرسان في بحثنا المنشور عام ١٩٦٨ بعنوان The Egyptian Expeditions Against Castellrosso and Rhodes في حوليات كلية آداب عين شمس.
(٥) في هامش هـ "غزوة قبرص".