(٢) أمام هذا في هامش هـ بخط البقاعي: "كان من خبر استقرار المصنف هذه المرة في القضاء أن السلطان كان يظهر الإعراض عنه والتشنيع عليه، فاشار عليه [أى على ابن حجر] كاتب هذه الأحرف إبراهيم البقاعى ان يعلم السلطان أنه لا غرض له في ذلك (ثم بضع كلمات غير مقروءة) له شيئا كان وإلّا كان قد اعز نفسه بإظهار الإعراض وإنكار عدوه. فعزم على هذا غير مرة وابنه البدر محمد يعوقه عن ذلك لما له من الغرض في ولاية أبيه، إلى أن كانت ليلة السبت ثانى صفر فالح عليه كاتبه [أى البقاعي] في ذلك فقال: "اكتب ورقة وارسلها معك إلى السلطان"، فلم يجد كاتبه بدا من ذلك لأنه المشيربه، فطلع في يوم السبت المذكور بالورقة، فاذا ابو الخير النحاس قد فصل كلا من العلم البلقيني وذهب إليه فبشره بذلك عن السلطان، وخلع عليه العلم كاملية بسمور وسعى أبو الخير في منع كاتبه من الاجتماع بالسلطان خوفا من أن يكون طلع للسعى لابن حجر، فقدر الله الاجتماع بالسلطان حين خرج لصلاة الظهر، فاخبره المولى ابن قاسم ان له حاجة عند السلطان، فقال: ما هي، وكان ذلك عند بركة الدهيشة وهو مار، فقلت: هذا المكان لا يسع الكل، فقال: بل قل حاجاتك "فاخذت الخص له شيئا، فما هو إلّا أن ذكر ابن حجر فاستشاط غضبا وشرع يقول: الحق ما لنا ما نحكم بالحق .. هذا الكلام الذي فيه أشد الغضب منه"، ثم دخل إلى القاعة مغضبا فاجتمع من هناك إلى وسالونى: ماله يغضب كانك سالته لابن حجر فقلت: لا، بل قلت إنه لا غرض له في ولاية القضاء، فغضب، وقال: ماله لا يتولى عنى؟ هل رانى احكم بغير الحق، فظنوك ذلك". "ثم لم ازل حتى دخلت إليه إلى القاعة، وكنت علمت أنه ظن اني اسعى لابن حجر، فلما دخلت إليه قلت له: "انه (اي ابن حجر)، لا غرض له إلا ما يرضيك، إن رضيت بطل، فهو أحب إليه لأنه يتفرغ للاشتغال بالعلم والدعاء لك، وإن رضيت ولايته تولى لاجل خاطرك فقط، وهذا خطه يخبر فيه بذلك خوفا ممن له غرض من جماعته في ولايته لاغراضهم فكل ما يأتونك به على غير هذا الوجه فهو كذب". فلما فهم وقل الكلام استكان له. ولما سمع جماعة شيخنا شق عليهم وقال لي بعضهم: الذي فعلت هو عز الدهر، فقلت:" اخشى ان يكون ذل الدهر" -وقلت "سنري". "وفي صبح الأحد ثالثه استدعى محمد بن الأستاذ، وقال له "اذهب إلى ابن حجر وقل له: اطلع غدا تلبس خلعة بولاية القضاء"، فقلت لشيخنا:" ما السبب في تحويل الأمر" فقال: "كلامك"، فقلت: "ليس غير"، فقال: "ليس غير"، فقلت "الحمد لله الذي خلصنى من كلام المتهافتين". ثم طلع يوم الجمعة الاثنين رابع صفر او خامسه فلبس الخلعة كما قال السلطان. وكان يوما مشهودا وحصل عند البعض من القهر أمر عظيم، وكان أحد الأسباب التي اضطغنوا بها على كاتبه". (٣) فراغ في الأصول بقدر ثلاث كلمات.