للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وركَب القرعة وتكلّم من ورائها، فقال له في الليل بذلك الصرت المنكر: "يا أَحمد إنتق الله وعاشر زوجتك بالمعروف فإنها امرأَة صالحة" وكرر ذلك، فارتاع الرجل وصالحها.

فلما طالت المدة وتراضيا أَطلعته المرأة على الحيلة، فانفتح لهم دكان تحصيل، فصار الناس يهرعون إلى بيت أَحمد الفيشي ليسمعوا الكلام، واستقرت المرأة هي التي تتكلم.

وأعان المحتسب على الاطلاع على أمرهم أَن الكلام، الذي كان يُسمع ليس فيه إخبار عن مغيب ولا عن حادث يأتى، وكان الركن عمر قد أَقام بجامع عمرو بمصر ثلاثين سنة على قدم جيد والناس يتبركون به ويزورونه، وكانت الموقعة بهم (١) في ثاني رجب. وكان أَحمد المذكور أَحد العدول الجالسين بالقرب من الجامع الأَزهر بالقرب من زاوية ابن عطاء.

* * *

وفيها وقع الخلف بين الأُمراء الثلاثة فتواطأَ برقوق وبركة على إينال اليوسفي فبلغه ذلك فأَضمر الشر، فاتفق أَن خرج بركة في شعبان إلى البحيرة للصيد على العادة، فانقطع إينال في بيته وأَظهر أَنه ضعيف، فسلّم عليه برقوق مرة بعد مرة، ثم إنه ركب مرة إلى المطعم، فبلغ ذلك إينال فركب إلى الاسطبل وذلك فى يوم الاثنين رابع عشرى شعبان، فملك الاصطبل ونهب أَصحابه بيت برقوق، واستولى على ما في خزائن برقوق، وأَلبس من وجده من مماليك برقوق السلاح ووعدهم بالمال والإقطاعات، وقبض على جركس الخليلي، وأَمر بضرب الكوسات.

وطلب إينال من الزمام أَن يُنْزِل له السلطانَ إلى الاصطبل فامتنع، فطار الخبر إلى برقوق فخاف، فقوَّى أَيتمش عزمه وأنزله في اصطبله، وأَلبس مماليكه وركبوا في خدمته وطلعوا من باب الوزير وقصدوا القلعة على حين غفلة من أَصحاب إينال لاشتغالهم بالنهب، فأَحرقوا باب السر ودخلوا منه، واجتمع معهم من العامة مالا يحصى، فساعدهم -بالعصى والحجارة لما قابلهم- أَصحاب إينال فانكسر الإينالية.

وأَظهر إينال من الشجاعة مالا مزيد عليه، ووقعت في إينال نشابة من بعض مماليك برقوق فجُرح وانهزم إلى بيته مكسورًا، فأَرسل برقوق في أَثره فأُسِر وأُحضر إليه، فقرره ليلا على مَن تواطأ معة من الأُمراء فلم يعترف بشيء، وحلف له أَنه ما كان غرضه إلا الذب عن نفسه،


(١) "منهم" فى ز، وف هـ " الركن عمر إمام".