برمة جماعة من المسالمة فشهد عليهم بالزندقة، فضرب القاضي المالكي رقاب ستة أنفس، وسر المسلمون بذلك، وقد قرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري وأجازنيه أن ابن خير حكم بضرب رقابهم بحضور القضاة فضربت في المجلس وكان سودون النائب حاضراً بين القصرين، قال: ثم قام بعض المالكية وادعى أنه خالف مذهبه وبالغ في التشنيع يعني ابن جلال الدميري وجرى على ابن خير ما لا خير فيه، ثم إنه استفتى أهل العلم الموجودين قي ذلك الوقت فأفتوا بتصويب فعله وانتصر على خصمه.
وفي جمادى الآخرة نازل الفرنج بيروت في عشرين مركباً، فراسلوا نائب الشام فتقاعد عنهم واعتل باحتياجه إلى مرسوم السلطان، فقام إينال اليوسفي فنادى الغزاة في سبيل الله، فنفر معه جماعة فحال بين الفرنج وبين البحر وقتل بعضهم، ونزل إليه بقية الفرنج فكسرهم وقبض من مراكبهم ستة عشر مركباً، فسر المسلمون بذلك سروراً عظيماً، ولما بلغ السلطان قبل ذلك تحرك الفرنج جهز عدة أمراء لحفظ الثغور من الفرنج كرشيد ودمياط وغيرهما، فلما توجهوا إلى بيروت وكسروا بها حصلت الطمأنينة منهم، وممن توجه من المطوعة القاضي المالكي ومعه المغارية والشيخ شمس الدين القونوي ومعه خلائق من المطوعة، ثم جمع القاضي الشافعي جمعاً من الفقهاء وتوجه، وكان الفرنج قد دخلوا صيداء فوجدوا المسلمين قد نذروا بهم فأحرزوا أموالهم وأولادهم بقرية خلف الجبل، فوجد الفرنج بعض أمتعتهم فنهبوها وأخذوا ما وجدوا من زيت وصابون وأحرقوا السوق وقصدوا بيروت فتداركهم المسلمون، ثم وصل النائب وانكسر الفرنج بحمد الله تعالى، ثم عاد الفرنج إلى مباهلة بيروت فطرقوها في شعبان، فتيقظ لهم أهلهم فحاربوهم وراموهم، ونزل طائفة من الفرنج فوجدوا بالساحل خمسة عشر نفساً فقتلوهم، ثم قتل من الفرنج جماعة، فوصل النائب من دمشق بعد انقضاء الوقعة ورجوع الفرنج بغيظهم لم ينالوا خيراً.