للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانفصل المجلس، وحُبس الخليفة في القلعة وقُيّد بقيد ثقيل، و أُمِر بتسمير قرط وإِبراهيم فتسلمهما حسين بن علي الكورانى والى القاهرة، فطاف بهما مصر والقاهرة، ثم استأْذن عليهما القصر فأَمر بتوسيطهما فوُسّط قرط، ثم وقعت الشفاعة في إبراهيم فحبس بالخزانة وحبس معه حسين بن قرط بن عمير.

وفيها خرج سلَّام (١) بن التركية مع العرب بالوجه البحرى وتوجّهوا إِلى جهة الفيّوم ومعهم إبراهيم بن اللبان - وكان موقِّعا عند بعض الأُمراءِ - فاتفق مع الذين أَرادوا الخروج على السلطان وأَشعر بهم العرب، وأَظهر للعرب أَنه قريب الخليفة، وتعمّم بزى الخليفة فهرعوا إِليه فصار يأْمر وينهى؛ فجهّز السلطان إِليهم أَربعة أُمراء، فلما بلغهم ذلك توجهوا إِلى جهة الصعيد وتتبّعوهم، وكان ما سيأْتي ذكره.

* * *

وفيها حصر أَبو العباس بن أَبي سالم المريني مدينة تازى وخرّب قصرها، ثم ملك مراكش وعاد إِلى فاس وخرج لغزو أَبي حمّو بتلمسان ففرّ منه.

وفيها زاد النيل زيادة عظيمة إِلى أَن تهدمت به بيوت كثيرة، وانفتح مقطع بالزريبة فبادر إِليه أَيدكار الحاجب وحسين الوالى فأَحضروا المراكب وسدّوه بأَبواب وصوارى وأَخشاب، فلم ينسدّ إِلَّا بعد أَيام، ورتب السلطانُ جماعةً من الأُمراءِ والمماليك للإِقامة بجوانب البحر والخلجان لحفظ الجسور.

وفيها حضر رسل صاحب سنجار ورسل صاحب قونية (٢) ورسل صاحب تكريت بهداياهم، وتضمّنت كتبهم سؤال السلطان أَن يكونوا تحت حكمه ويخطبوا باسمه، فأُجيب سؤالهم وكُتب لهم بذلك تقاليد، وخُلع على رسلهم (٣).

وفيها قبض على سعد الدين بن البقرى ناظر الخاص وذلك في تاسع رمضان، واتفق أَنه كان في بيته عرسُ بعضِ بناته وقد تجمّع عندهم النساءُ بالحليّ والحلل فأُحيط بهم ولم يُسمع


(١) وكان أمير قبيلة خفاجة بصعيد مصر، راجع النجوم الزاهرة ٥/ ٦٢١.
(٢) في ز "قيسارية".
(٣) راجع المقريزي: السلوك، ورقة ١٤٢ ب.