وفيها طرق اللنك شيراز فحاربه شاه منصور وثبت ثباتًا عظيما فاتكًا في عسكر اللنك، وهجم علي المكان الذي فيه اللنك ففرّوا منه فأَمرهم أَن يُلقوه بين النساءِ، فوصل شاه منصور في حملته فتلقاه النساءُ وقُلنْ له:"ليس علينا قدرة ونحن في طاعتك" فكفَّ عنهن ورجع يقاتل، فخذله بعض أُمرائه ففتّ في عضده، ولم يزل يقاتل حتى انتهت المعركة وانهزم بقية مَن معه، فقامت قيامة اللنك على فقده لأَنه لم يجده في القتلى.
ثم ظفر به بعض الجند فعرَفه فحزّ رأْسه وأَحضره إِلى اللنك، فلما تحقق فرح في الباطن وأَظهر الأَسف عليه في الظاهر وأَمر بقتل قاتله، واستولى على شيراز وأَكرمَ زين العابدين وقرّر له رواتب.
فلما بَلغ السلطانَ أحمد - صاحبَ كرمان - الخبرُ راسل اللنكَ بالطاعة وأَرسل مع رسله هدية جليلة، وكذلك صنع شاه يحيى صاحب يزد فقبل [اللنك] الهدية وتوجّه بعسكره إِلى إِلى أَصبهان فنازلها وحاصرها، فلما لم تكن لهم به طاقة صالحوه على مالٍ له صورة فتوزعوه بينهم، فأَرسل اللنك أَعوانه فعاثوا وأَفسدوا ومدّوا أَيديهم إِلى الأَموال والحرم، فشكوا ذلك إِلى ملكهم فواعَدهم أَنه يضرب الطبل عند العشاءِ فإِذا سمعوه قتل كلُّ منهم مَن عنده مِن الأَعوان.
فلما فعلوا ذلك - وكانوا نحوًا من ستة آلاف - عظم ذلك على اللنك ورجعوا إِلى المدينة فتحصّنوا، فحصرهم حتى اشتد الحصار، فأَشار عليهم بعض عسكره أَن يجمعوا أَطفالهم ويقفوا بهم على طريق اللنك، فاجتاز بهم فسأَل عنهم فقال له المشير عليهم:"هؤلاءِ أَطفالٌ لا قدرة عليهم ولا عقاب بجناية آبائهم وهم يسترحمونك" فمال بعنان فرسه عليهم وتبعه العسكر فصاروا طعمةً لسنابك الخيل، ثم هجم البلد واستخلص الأَموال وخرّب البلد ورجع إِلى سمرقند.
وحين وصوله أَمر حفيده محمد سلطان بن جهانكير بالتوجه (١) إِلى أَقصى ما تبلغ مملكته وهو من وراءِ سيحون آخذًا شرقا إِلى نحو شهر في ممالك المغل والخُطا، فمهّدوا تلك الأَراضي وبنوا فيها عدّة قلاع، وبنوا مدينة على طرف جيحون من ذلك الجانب سمّاها اللنك "شاه