وخطب في يوم الجمعة عاشر جمادى الأولى باسم الخليفة المتوكل قبل السلطان، وتحالف الخليفة والسلطان على الموالاة والمناصحة، ثم قدم على البشلاقي والي قطية منهزماً من عسكر الناصري في أواخر جمادى الأولى فسد ابن الكوراني باب المحروق وباب الجديد فلما قرب الناصري من الديار المصرية تسلل إليه الأمراء أولاً فأولاً فسار إليه ابن سلار اللفاف رأس نوبة بركة ومحمد بن سندمر وقريبه جبريل وإبراهيم بن قطلقتمر، ثم تسلل إليه محمد بن أيتمش ونزل الناصري بعساكره ظاهر القاهرة في الثالث من جمادى الآخرة فخرج إليه سودون باق وقرقماش الخزندار وجمهور الأمراء حتى لم يبق عند السلطان إلا ابن عمه قجماش وسودون النائب وتمربغا المنجكي وسودون الطرنطاي وأبو بكر بن سنقر وصواب السعدي مقدم المماليك في نفر يسير واختفى حسين بن الكوراني والي القاهرة فعاث أهل الفساد بسبب ذلك وكسروا السجون وخزانة شمائل، وأرسل السلطان إلى الناصري يطلب منه الأمان لنفسه، وذلك في يوم السبت ثالث جمادى الآخرة فجاءه أبو بكر ابن أخت بهادر، فأمره أن يختفي قدر جمعة لينكسر عنه حدة الأعداء ففعل ذلك واختفى ليلة الاثنين خامس جمادى الآخرة، ووقع النهب في الحواصل التي بالقلعة وبالقاهرة وضواحيها قليلاً، وكان أهل مصر أقل نبهاً من أهل القاهرة ودخل منطاش يوم الاثنين إلى القلعة فأخذ الخليفة وتوجه إلى يلبغا الناصري بقبة النصر فطلعوا جميعاً إلى القلعة وعرضوا المملكة على الناصري فامتنع، فاتفق الرأي على إعادة حاجي ابن الملك الأشرف إلى السلطنة، وقيل إنهم رموا قرعة فخرج اسمه فغيروا لقبه الأول ولقب المنصور، واستقر يلبغا الناصري مدبر المملكة وسكن الاصطبل والطنبغا الجوباني رأس نوبة كبير ودمرداش الأحمدي أمير سلاح وأحمد بن يلبغا أمير مجلس وتمرباي الحسني حاجب كبير
وآقبغا الجوهري استادار وقرقماش خزندار وظهر حسين بن الكوراني وأعيد إلى ولاية القاهرة وأمسك جماعة من الأمراء فسجنوا بالإسكندرية، ووقع النهب بالقاهرة يومين فندب الناصري له تنكزبغا فنزل عند الجملون وسط القاهرة، ونزل أبو بكر الحاجب عند باب زويلة فسكن الحال قليلاً، ثم نودي: من نهب من التركمان شيئاً شنق، وظهر بعد ذلك المباشرون والقضاة وهنؤا الناصري والخليفة، ثم ظهر محمود الاستادار وقدم تقاديم عظيمة فأعيد إلى وظيفته، ثم غضب عليه منطاش بعد ذلك فضربه وأهانه وصادره، ثم اشتد الطلب على الملك الظاهر ونودي: من أحضره أعطي ألف دينار، فشاع ذلك فخشي على نفسه فراسل الناصري فأرسل إليه الجوباني فأحضره من بيت شخص خياط مجاور لبيت أبي يزيد صهر أكمل الدين، وكان أبو يزيد حينئذ أمير عشرة فكان الظاهر قد أمن إليه فأخفاه فطلع به الجوباني نهاراً إلى القلعة فحبس بقاعة الفضة، وأراد منطاش قتله فدافع عنه الناصري، وأرسله إلى الكرك، فتوجه في ثاني عشرين جمادى الآخرة صحبة ابن عيسى فسار به على طريق عجرود إلى الكرك، وصحبته ثلاثة صغار من مماليكه وهم قطلوبغا واقباي وسودون فتسلمه حسن الكجكي نائب الكرك، وأنزله في قاعة تعرف بقاعة النحاس، وكان بالقلعة امرأة مامور نائب الكرك وهي بنت يلبغا الكبير فعرفته فخدمته أتم خدمة وأعدت له جميع ما يحتاج إليه، وتلطف به الكجكي نائب الكرك، ووعده بأن يخلصه، ثم خلع على الخليفة في خامس عشر جمادى الآخرة ونزع الأمراء السلاح وأقروا القضاة وأصحاب الوظائف على ما كانوا عليه، واستقر بزلار نائب الشام، وكمشبغا الحموي نائب حلب، وشنجق نائب طرابلس، وأحمد ابن المهمندار نائب حماة، وقطلوبغا الصفوي نائب صفد، واستقر كريم الدين بن مكانس مشير الدولة، وأخوه فخر الدين ناظرها، وأخوهما زين الدين صاحب ديوان الناصري، وأعيدت المكوس كلها كما كانت، ونودي بأمان الجراكسة، ومن ظهر منهم فهو باق على أقطاعه ومن اختفى شنق، ثم قبض على جمع كثير من الأمراء الكبار والصغار وجميع من عرف بالانتماء للملك الظاهر وسجن بالإسكندرية نحو ثلاثين من الأمراء، وبالقلعة خلق كثير من المماليك، وبخزانة شمائل خلق كثير من المماليك أيضاً. االجوهري استادار وقرقماش خزندار