شهاب الدين أبو العباس ابن أبي الرضا الشافعي الحلبي أصله من. كان من أعاجيب الزمان في الذكاء وولي قضاء حلب في سنة. بالغ الحافظ برهان الدين محدث حلب في الثناء على فضائله فقال: كان أوحد العلماء، مشاركاً في علوم كثيرة، شرح العضد ونظم غريب القرآن، وكان يحافظ على الجلوس في الجامع لا يخرج منه إلا لحاجة، ويكاد يستحضر شرح مسلم للنووي، ومعالم السنن للخطابي، ويستحضر مذاهب غريبة مع حسن محاضرة ولطافة شكل وتنزه نفس، وكان يعظم أهله ولا يستكثر عليهم شيئاً ولا يقدم عليهم أحداً، ومن إنشائه غريب القرآن منظوم سماه عقد البكر في نظم غريب الذكر أجاد فيه ورثاه الشيخ حميد العابر بخمس يعاد فيه، وكان قد ولي القضاء بحلب فاشتهرت فضائله، وفاق الأقران، فلما كانت كائنة برقوق وخروج يلبغا الناصري عليه ثم عاد من سجن الكرك إلى أن تسلطن ثانياً ذكر له كمشبغا الكبير ما كان يبدو من هذا القاضي وغيره في حقهم، فنقم عليه وأمر بحمله إلى القاهرة فاغتيل في الطريق وقتل ظلماً بخان شيخون بين المعرة وكفر طاب فقرأت بخط العيني في تاريخه: قتل شر قتله. وكان ذلك أقل جزائه لأن الظاهر هو الذي جعله من أعيان الناس وولاه القضاء من غير بذل ولا سعي، فجازاه بأن أفتى في حقه بما أفتى وقام في نصر أعدائه بما قام، وشهر السيف وركب بنفسه والمنادي بين يديه ينادي: قوموا انصروا الدولة المنصورية بأنفسكم وأموالكم، فإن الظاهر من المفسدين العصاة الخارجين، فإن سلطنته ما صادفت محلاً إلى غير ذلك، قال: فجازاه الله بالإهانة والذل والإخراج من وطنه بهيئة قطاع الطريق والرمي في البرية بغير غسل ولا كفن ولا صلاة، وقال في حقه أيضاً: إنه كان عنده بعض شيء من العلم ولكنه كان يرى نفسه في مقام عظيم، وكان مولعاً بثلث أعراض الكبار، وكان باطنه رديئاً وقلبه خبيثاً، قال: وسعت أنه كان يقع في حق الإمام أبي حنيفة.
أحمد بن عمر بن محمود بن سلمان بن فهد، شهاب الدين بن زين الدين بن الشهاب، الحلبي الأصل الدمشقي المعروف بالقنبيط، ولد سنة عشر أو نحوها، وسمع من أمين الدين محمد بن أبي بكر بن النحاس وغيره، ووقع في الدست وكان أكبرهم سناً وأقدمهم،