في دولة الأشرف فصحب الملك الظاهر قبل أن يتأمر، وكانت له به عناية، يعرفه من بلاده فلما كبر قرره إماماً عنده، وتقدم في دولته، وولاه قضاء العسكر ومشيخة الخانقاه البيبرسية، وكان حسن الهيئة، مشاركاً في الفضائل، جيد المحاضرة، مات في رابع عشري ربيع الآخر عن نحو خمسين سنة.
علم دار الناصري، خدم الملك الناصر محمداً فمن بعده، ثم مات بطالاً بدمشق، وكان ملازماً لحضور الجماعات والخوانق، كثير التلاوة والذكر، وله أثار حسنة بمصر ودمشق في ترميم السبل والخانات، جاوز الثمانين وهو آخر من مات من مماليك الناصر.
عيسى بن الجمال محمد بن عيسى اليافعي أخو علي الماضي قريباً، كان عارفاً فالفرائض، مات في عدن.
مثقال الساقي سابق الدين الزمام، كان أصله من خدم المجاهد صاحب اليمن، ثم صار لحسين بن الناصر وخدم عند زوجته أم الأشرف إلى أن ماتت، فاستقر لال أمير حاج بن الأشرف، ثم صار مشيد الحوش ثم استقر زماماً وعظم قدره في دولة الأشرف، وعمر المدرسة المشهورة بالقاهرة، فلما قتل الأشرف صودر وأهين ثم استوطن المدينة بعد التردد إلى مكة وإلى القدس مراراً، ومات في آخر ذي القعدة ببدر طالباً للحج.
محمد بن عبد الله بن محمد بن فرحون، محب الدين بن بدر الدين اليعمري المغربي ثم المدني المالكي، كانت له عناية بالعلم، وولي قضاء بلده ولم يجاوز الخمسين.
محمد بن عبد القادر بن علي بن سبع البعلي، تقي الدين، اشتغل ودرس مكان عمه أحمد في الأمينية وغيرها، وأفتى ودرس وولي قضاء بعلبك وطرابلس ولم يكن مرضياً في سيرته، وجمع كتاباً في الفقه مع قصور في فهمه، وكان يكتب خطاً حسناً ويقرأ في المحراب قراءة جيدة ويخطب بجامع رأي العين، مات في المحرم.