للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما تمت الكسرة على طقتمش خان دخل اللنك خجندة ففر أميرها (١) وأمَّر فيها بعض جنده واستولى على بقية البلاد التي لم تكن دخلت في طاعته رهبةً ورغبة.

ثم دخل سمرقند فأول شيء فعله أن غدر بعلى شير صاحبه الذي أعانه على مستنيبه وقسّم البلدَ بينه وبينه ولقى عاقبة غدره فقتله غيلة، ثم أوقع بمن كان في سمرقند (٢) من الزعر (٣) وكانوا عددا كبيرًا قد أسعروا البلاد، وكان اللنك أعلم بأمرهم من غيره لأنه كان يرافقهم كثيرا، وكان إيقاعه بهم بالتدريج بطريق المكر والخديعة والحيلة إلى أن استأَصلهم وكفى أهلَ البلاد شرَّهم.

ثم لما استقرت قدمه في المملكة خطب بنت ملك المغل - وهو فرخان - فزوّجها له، وزادوا في اسمه "كوركان"، فلذلك كان يُكتب عنه "تيمور كوركان". ومعناه: "الصهر".

ثم توجّه بعساكره إلى خوارزم وجرجان فصالحوه على مال، ثم قصد (٤) هواة فنزل إليه ولد ملكها غياث الدين بالأمان واستولى عليها واستصحب ملكها معه إلى سمرقند فسجنه، فاستمر في سجنه إلى أن مات.

ثم قصد سجستان فنازلهم فتحصنوا منه مدة، ثم طلبوا منه الأمان فأمَّنهم على شريطة أن يمدوه مما عندهم من السلاح، فاستكثروا له من ذلك ليرضوه، وصار يستزيدهم فبلغوا الجهد في التقرب إليه بما قدروا عليه منه، فلما ظن أن غالب سلاحهم صار عنده، وأن غالبهم صار بغير سلاح بذل فيهم السيف وخرّب المدينة حتى لم يبقَ بها - بعد أن رحل عنها - من يقوم بهم الجمعة.

ولما استولى على هذه الممالك - مع سعته وشدة فتكه بأَهلها - توارد أُمراءُ النواحى على الدخول في طاعته والوفادة عليه، ومنهم خُجا على بن مؤيد بطوس، وأمير محمد بناورد، وأمير حسين بَسْرخَس (٥)، فأقرّهم نُوابا في ممالكهم، وكذا جميع من بذل له الطاعة ابتداءً، ومن راسله فعصى عليه يتعذّر أن يعفو عنه إذا قدر عليه.

وكان من جملة مَن راسل شاه شجاع صاحب شيراز وعراق العجم فبذل له الطاعة وسأله


(١) في ل "فقرر أمورها"، وفى ز، هـ "ففر أميرها، وهي أيضا كذلك في الفقرة الأخيرة من كتاب العزاوي: ١/ ١٢٥.
(٢) في ز "بسمرقند".
(٣) الزعر هم جماعة العامة، وقد يطلق أحيانا على السوقة وقطاع الطرق ومن لا عمل لهم.
(٤) في ز "قصدوا".
(٥) الضبط من ياقوت: المعجم ٢/ ٢٠٨ ومراصد الاطلاع ٢/ ٧٠٥ حيث عرفها بأنها مدينة قديمة من نواحي خراسان بين نيسابور ومرو.