للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزيرًا بها فاغتيل بالسمّ في الطريق فدخل القاهرة ميتا، وكان ماهرًا في الكتابة عارفًا بصناعة الحساب أعجوبةً في الذكاء، له الشعر الفائق والنظم الرائق، ما طرق سمعى أحسن من قوله في الرسالة التي كتبها للبشتكى لما صاد السمكة، وهي رسالة (١) طويلة جاء فيها: "قعد لصيد السمك بالمرصاد، وأطاعته حروف النصر فكلما تلى لسان البحر نون على لسان العزم صاد".

وهو القائل:

علقْتُها معشوقةً خالها … قدْ عمَّها بالحسن بل خصَّصَا

يا وصلَها الغالى ويا جسمها … لله ما أغلى وما أرخصا

مات في خامس عشر ذي الحجة.

سمعتُ من لفظه شيئًا من الشعر وكانت بيننا مودّة.

١٩ - عبد الرحيم بن محمد الطباطبي الشريف الحسنى كان مؤذّن الملك الظاهر.

٢٠ - على بن عبد الله بن يوسف بن حسن البيري، علاء الدين الموقِّع، خدم الناصري بحلب وقدم معه القاهرة فولى توقيع الدست واستمر إلى أن أمر الظاهر بقتله في هذه السنة، فقتل.

وكان [يلبغا] الناصري يعتمد عليه، والكتب تَرد على الملك الظاهر بخطِّه في تلك الفتنة، فحقد عليه فلما عاد إلى الملك لم يُنَحِّهِ بل استمرّ في التوقيع وأمره بمساعدة علاء الدين الكركي لقلة معرفة الكركي بصناعة ديوان (٢) الإنشاء فباشر إلى أن سافر الظاهر إلى حلب وقُتل الناصري وأمر بالقبض على ألبيرى فقُيِّد وحُمل إلى القاهرة، فقُتل خنقًا في رابع عشرى ربيع الأول وأوصى أن يكتب على قبره:

بقارعةِ الطريق جعلتُ قبرى … لأحْظى بالترحّم من صديقِ

فيا مولى الأنام لأنت أولى … برحمةِ من يموت على الطريقِ

وكانت بينه وبين أمين الدين الحمصي مكاتبات ومراسلات، ولم يكن نظمه ونشره بالفائق بل كان مكثرًا مقتدرًا حتى كان يكتب في شيءٍ أنشأ غيره وينشيءُ في غيره.


(١) في ل، هـ، ز "الرسالة الطويلة".
(٢) جاء بدلا من "ديوان الإنشاء" في ل، ز، هـ "الديوان" فقط.