قال ابن حجي: قدم من الموصل وهو شاب فكان يتكسب من الحياكة ويشتغل في أثناء ذلك بالعلم ويعاشر الصوفية، ولازم الشيخ قطب الدين مدة، وأدمن النظر في الحديث فعلق بذهنه شيء كثير منه، ثم اشتهر أمره وصار له أتباع وعلا ذكره وبعد صيته وتردد إليه الأكابر وحج مراراً، ثم اتصل أمره بالسلطان فبالغ في تعظيمه وزاره في داره بالقدس وصعد إليه إلى العلية وأمر له بمال فأبى أن يقبله، وكان يكاتب السلطان بالشفاعات الحسنة فلا يرده، وكان الشهاب الزهري ممن يلازم حضور مجلسه ويبالغ في تعظيمه، وكذلك الشيخ شمس الدين الصرخدي، ومن طريقته أنه لا يعامل أحداً من أصحابه ولا يأكل بعضهم لبعض شيئاً ولا لغيرهم، وكان يتكلم على الناس فيبدئ الفوائد العجيبة والنكت الغريبة، وكان يشغل في التنبيه ومنازل السائرين، وكان والده عبد الملك يذكر عنه أنه قال: كنت في المكتب ابن سبع سنين فربما لقيت فلساً أو درهماً في الطريق فأنظر أقرب دار فأعطيهم إياه، فأقول لقيته قرب داركم وله نثر ونظم.
أبو بكر محمد بن عيسى بن أبي المجد البعلي الأنصاري، قاضي بعلبك، مات في المحرم.
بلاط بن عبد الله المنجكي، أحد الأمراء بالقاهرة، مات في هذه السنة من شوال.
حمزة بن علي بن يحيى بن فضل الله العدوي عز الدين ابن كاتب السر، كان في حياة أبيه يلبس بالجندية، ثم ناب عن أبيه في كتابة السر ثم عن أخيه، وكان أكبر موقعي الدست، ومات بعده بدمشق يوم تاسوعاء، أنشدني عيسى بن حجاج لنفسه لما بلغه موت حمزة بعد موت أخيه بدر الدين:
قضى البدر بن فضل الله نحبا ... ومات أخوه حمزة بعد شهر
فلا تعجب لذا الأجلين يوماً ... فحمزة مات حقاً بعد بدر