للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأرض فلسطين، على أنه ليس من المعروف على وجه التأكيد أكانت أُسرته قديمةَ الاستقرار بعسقلان: وإلى أيّ زمنٍ أو جيلٍ يرجع ذلك القِدَم أم أنها طارئةٌ عليها، فليس ثمت في تراجم المتقدّمين إشارة إلى ما يهدى الباحث ويشفي غلّته ويكشف اللثام عن حقيقة هذه المسأَلة، كما أنه لا يُعرف التاريخ الذي نزحت فيه هذه الأسرة إلى مصر أو السبب الذي من أجله غادرَت عسقلان، فليس في التراجم المعروفة عن ابن حجر ولا في ترجمته الرائعة الوافية التي كتبها تلميذه ومريده السخاوى، ولا في التراجم القصار المبعثرة في ثنايا المعاجم التي ورد فيها ذِكرٌ لأجداده ورجالاتِ أُسرته ما يرشد الباحث إلى القول الفيصل في هاتين المسأَلتين.

على أننا إذا تأَمّلنا سلسلة نسبه، ولا سيما كما يرويها هو في كتابه "إنباء الغُمر بأَنباء العمر"، أو كما يوردها السيوطي في "نظم العقيان"، لوجدنا أنها تقف عند الجدّ السابع له، على اختلافٍ بين المصدرين في إسمى جدّيه السادس والسابع من حيث التقديم والتأخير، فهذان الجدّان عند صاحبنا هما "أحمد بن حجر"، وعند السيوطي "حجر بن أحمد"، وقد لا يعنينا كثيرا في هذه الأَسطر أيهما السابق للآخر بقدر ما يعنينا وقوف كل من الكاتبين عند الجد السابع فقط، غير محاول أحدهما تجاوزه ولو إلى نسبٍ قَبَليّ؛ فإذا جاز لنا أن نجعل لكل حلقة مدة ربع قرن من الزمان، وضممنا إلى هؤلاء الجدود السبعة جيل أبيه نور الدين عليّ صارت لدينا ثمانية أجيال تستغرق من التاريخ قرابة قرنين، وإذا تذكّرنا أن مولد صاحب الإنباء كان في سنة ٧٧٣ وأنقصنا هذين القرنين من عام مولده تبيّن لنا أن جدّه الأَكبر - وهو الأخير في سلسلة نسب أجداده - عاش في عسقلان في ختام الثلث الأَخير من القرن السادس للهجرة؛ فما أهمية هذه الفترة مما تصحّ أن تكون ذات اتصال - عن قرب أو بعد بأسرة ابن حجر.؟

للإجابة على هذا التساؤل نقول إنه في هذا الوقت بالذات الذي عاش فيه جدّ ابن حجر الأَكبر، وفي عام ٥٨٧ هـ بالتحديد اضطُر صلاح الدين الأيوبى - تحت الخوف من غزو الصليبيين لعسقلان وعدم قدرة حاميتها المسلمة على الدفاع عنها ضدّهم - إلى تخريبها، مما حمل الكثيرين من أَهلها على الانتقال إلى مصر والاستيطان فيها (١).


(١) راجع ابن شداد: النوادر السلطانية (ط. القاهرة ١٣٤٦) ص ١٦٥ - ١٦٦، ٢٢٣، ٢٣٧، وخطط المقريزي، ج ٢، ص ٢٣٣، والسلوك للمقريزى (ط. زيادة) ج ١ ص ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>