ولى نظر الأَوقاف عن الشافعية، واستقر في تدريس الحديث بالمنصورية وامتُحن في أَثناء ذلك حتى أُمر بنفيه وأُخرجت وظائفه، ثم أُعيد إلى الحسبة. ثم في سنة تسع وثمانين عُزل عن الحسبة واستقر في نظر الجيش، وسافر مع منطاش، وخطب في غزَّة خطبةً عرّض فيها ببرقوق فبقى في نفسه عليه، واتفق عبوره إلى دمشق فبقى فى الحصار، ثم توصل إلى القاهرة فوجد السلطان متغيظا عليه فلم يزل يتلَّطف حتى ولى قضاء الحنفية في شعبان، وسافر مع السلطان إلى حلب وابنُ عبد العزيز - الذي أخذ منه نظر الجيش - معهم موليا نظر الجيش. ولم يزل جمال الدين يسعى حتى عاد إلى نظر الجيش مضافًا إلى القضاء.
وولى تدريس الصرغتمشية ثم نُزعت منه للكلستاني وأُعطى الشيخونية ثم نُزعت منه للشيخ زاده، وأُعيد جمال الدين إلى الصرغتمشية.
وقرأتُ في تاريخ العينتابي أَن جمال الدين أَول ما قدم نزل في الصرغتمشية، قال:"وكان بحالة إملاق إلى الغاية ثم وصل إلى ما وصل إليه حتى قال إنه سمعه يقول: "هذا الذي حصل لى غلطة من غلطات الدهر". قال: "وكان عنده دهاءٌ مع حشمة زائدة وسخاء، وكان فصيحا بالعربية والتركية والفارسية وكان كثير التأَنق في ملبسه ومأكله".
مات في سابع شهر ربيع الأَول، وصلى (١) عليه الناس في ثامنه.
٥٥ - محمود بن على بن أصفر عينه السودونى جمال الدين الأستادار، تقدم ذكره في الحوادث مفصلا.
٥٦ - مسعود بن عبد الله المغربي، أخو القاضي الركراكي، كان يتفقه ومات في رمضان.
٥٧ - معين بن عثمان بن خليل المصرى الضرير، نزيل دمشق، الحنبلي كان، ثم الشافعي رئيس القراء بالنغم وله صيتٌ في ذلك، وكان يحفظ أَشياءَ مليحة ويصحح ما يورده ولا يورد في المحافل إلا الأشياء المناسبة للوقت وللحال، وكان مقدَّما على جميع أَهل فنِّه بمصر والشام، وسمع من عبد الرحمن بن تيمية وأبي عبد الله بن الخباز وغيرهما "مجلسَ ختم الترمذى"، وولى إمامة مشهد ابن عروة.
مات في جمادى الآخرة وقد جاوز الثمانين، وقد أَجاز لي.
(١) عبارة. "وصلى عليه الناس في ثامنه" غير واردة فى ظ، لكن راجع ابن الفرات ٩/ ٤٧٧ س ١١.