للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان كبير القدر في بلده محبّبا إليهم بحيث أنهم كانوا لا يصدرون إلا عن رأيه، فاتفق أن الظاهر لما سُجن بالكرك قام هو وأخوه علاء الدين على في خدمته فحفظ لهما ذلك، فلما تمكَّن أحضرهما إلى القاهرة وولى عماد الدين قضاء الشافعية وعلاء الدين كتابة السر وذلك في شهر رجب سنة اثنتين وتسعين، فباشر بحرمة ونزاهة، واستكثر من النواب وشدّد في ردّ رسائل الكبار وتصلب فى الأحكام، فتمالئوا عليه فعزل في أواخر سنة أربع وتسعين، واستقر صدر الدين المناوى في رابع المحرم سنة خمس.

وبقى السلطان القاضي عماد الدين من وظائف القضاء تدريس المدرسة الصلاحية المجاورة للشافعي، ودرس الحديث بالجامع الطولوني، ونظر وقف الصالح بين القصرين، فاستمر فى ذلك إلى أن شعرت الخطابة بالمسجد الأقصى وتدريس الصلاحية، فقرّرها السلطان لعماد الدين وذلك في سنة تسع وتسعين، فتوجه إلى القدس وباشرهما وانجمع عن الناس وأقبل على العبادة والتلاوة إلى أن مات في سابع عشر شهر ربيع الأول من هذه السنة ونزل (١) عن خطابة القدس في مرضه لولده شرف الدين عيسى فلم يمض النزول، واستقر خطيب نابلس في الوظيفة بعناية نائب الشام، وحضر ولد القاضي عماد الدين إلى القاهرة في طلب الخطابة فمُنع ولا (٢) زال نائب الكرك يكاتب فيه ويشكو منه،، فرسم عليه ثم أفرج عنه وأعيد إلى الكرك قاضيا.

وهو أول من كتب له من القضاة عن السلطان و الجناب (٣) العالى، وذلك بعناية أخيه لما ولى كتابة السر، فاستأذن السلطان في ذلك فأذن له، واستمر ذلك للقضاة وكانوا يكاتبون (بالمجلس) وهي كانت في غاية الرفعة للمخاطب بها في الدولة الفاطمية"، ثم انعكس ذلك في الدولة التركية وصار "الجناب" أرفع مرتبة من المجلس.


(١) العبارة من هنا حتى كلمة قاضيا" س ١٥ غير واردة في ظ.
(٢) في ز، هـ واتفق أن نائب الكرك".
(٣) في هامش هـ في بيان كتابة الجناب العالي".