للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم جمعها في كتاب واحد محذوف الأسانيد، وجمع "معانى ابن حبان" فرتَّبها على حروف المعجم، وكذلك "معانى العجلى"، ورتب "الحلية" على الأبواب، وصار كثير الاستحضار للمتون جدا لكثرة الممارسة.

وكان هيّنا ليناً ديّنًا خيّرا محبا في أهل الخير، لا يسأم ولا يضجر من خدمة الشيخ وكتابة الحديث. وكان سليم الفطرة كثير الخير كبير الاحتمال للأذى خصوصا من جماعة الشيخ.

قرأتُ عليه الكثير للشيخ (١)، ومما قرأتُ عليه نحو النصف من "مجمع الزوائد" له، وقرأتُ عليه بمفرده نحو الربع من "زوائد مسند أحمد" و "مسند جابر" عن "مسند أحمد" وغير ذلك، وكان يودّني كثيرًا ويشهد لى بالتقدّم فى الفنِّ، وكنتُ قد تتبعت أوهامه في كتابه "مجمع الزوائد"، فبلغنى (٢) أن ذلك شقّ عليه فتركته رعايةً له. مات في شهر رمضان (٣).

٦٣ - عمر بن أيَدُغْمُش الحلبي، عتيق ابن النصيبي المسند المعروف بالكبير، وُلد سنة تسع عشرة، وسمع من العزّ إبراهيم (٤) بن صالح العجمى فكان خاتمة أصحابه بالسماع، كما أنه خاتمة أصحاب مشيخة يوسف بن خليل بالسماع. مات في تاسع عشر المحرم.

وكنتُ لما رحلتُ إلى دمشق سنة اثنتين وثمانى مائة - عزمت على الرحلة إلى حلب لأجله وأنا أظن أنه حىّ فبلغتنى وفاته فتأخَّرْت عنها فإنه كان مسندها، ودهم الناس اللنك فرجعتُ إلى القاهرة، ولم يحصل لى منه إجازة فيما أعلم.


(١) أي من كتب شيخهما زين الدين العراقي.
(٢) الوارد في السخاوى: الضوء اللامع ج ٥ ص ٢٠٢ س ١١ - نقلا عن ابن حجر - أنه قال: وبلغه أنى تتبعت أوهامه في مجمع الزوائد فعاتبنى فتركت ذلك إلى الآن". ثم عاد السخاوى مرة أخرى، نفس الصفحة، س ١٨ - ١٩ فنقل ما جاء في المتن أعلاه، ولكنه عاب على أستاذه ذلك فقال معلقا: "كأن مشقته لكونه لم يعلمه هو بل أعلم غيره، وإلا فصلاحه ينبو عن مطلق المشقة، أو لكونها غير ضرورية، بحيث ساغ لشيخنا الإعراض عنها".
(٣) أرخ السخاوى، شرحه ٥/ ٦٧٦، وفاته سنة ٨٠٧ هـ.
(٤) هو إبراهيم بن صالح بن هاشم بن عبد الله بن العجمى الحلبي، ولد سنة ٦٤٠ وسمع من يوسف بن خليل وتفرد منه بالسماع، وكان جنديا في بداية أمره ثم ترك ذلك وجلس مع الشهود، وكانت وفاته سنة ٧٣١، انظر الدرر الكامنة ١/ ٦٦.