للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قانعاً باليسير، وكان ملبوسه فى الصيف والشتاء واحدا سواء: قَميص ولباد، وعلى رأسه كوفية لبد، وكان لا يتردّد إلى أحد ولا يسأل من أحد شيئًا، وإذا فُتح عليه بشئ أنفقه على من حضر.

وكان يحب السماع والرقص ويتنزه فى أماكن النزهة على هيئة، ومهر في الفنون العقلية وتصدر بجامع الأزهر وشغل الطلبة، وكان حسن التقرير مذكوراً بالتشيع، وشوهد مرارًا يمسح على رجليه من غير خف (١). مات في شعبان. اجتمعتُ به مرارًا وسمعتُ درسه.

٧١ - كَمَشْبُغا بن عبد الله الحموى، اشتراه ابن صاحب حماة وهو صغير ورباه ثم قدّمه للناصر حسن ثم أخذه يلبغا بعد قتل حسن وصيّره رأس نوبة عنده، وسُجن بعد مسك يلبغا ثم أُفرج عنه في دولة الأشرف وخدم في بيت السلطان، فلما قُتل الأشرف أمِّر بحلب نائبًا، ثم عمل بدمشق تقدمة ثم نيابة حماة ثم عمل نيابة الشام سنة ثمانين، ثم ناب في صفد ثم طرابلس، وتنقلت به الأحوال (٢) وعمل نيابة طرابلس مدة ثم قُبض عليه وسجن بها، ثم أفرج عنه يلبغا الناصرى وتوجّه معه لمصر وولاه نيابة حلب، فلما خرج منطاش إلى برقوق قام كمشبغا بنصر برقوق وقدم إليه من حلب وقاتل معه ورجع إلى حلب، فلما استقر الظاهر في السلطنة الثانية أحضره إلى القاهرة وقدّمه واستقر أتابك العساكر، ثم غضب عليه في أول سنة ثمانى مائة واعتقله بالاسكندرية إلى أن مات في رمضان. ولم يعش الظاهر بعده إلا أياما يسيرة دون العشرين.

وكان [كمشبغا] شكلا حسنا مهابا عالي الهمة، وهو الذي جدّد سور حلب وأبوابها وكانت خرابا من وقعة هولاكو، ولما قام عليه أهل حلب فتك في أهل بانقوسا (٣)، ثم


(١) في هامش هـ "هذا ينافي كونه شافعيا".
(٢) Cr. Wiet Les Biographies du Manhal، No. ١٩١٤.
(٣) جبل في ظاهر مدينة حلب من جهة الشمال، ثم أطلق على محلة، راجع مراصد الاطلاع ١/ ١٥٨، وانظر أيضا Le Strange : op. cit. p. ٤١٧