للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأُعيد ابن الزين؛ ثم كثر النهب داخل القاهرة فنزلت جماعة من الأُمراء وحاربوهم، فعمد ابن الزين إِلى جماعة من المحبوسين في خزانة شمائل فقطع أَيدى بعضٍ وضَرب جماعةً بالمقارع وأَشهَرَهم، ونادى عليهم: " [هذا] جزاء من ينهب بيوت الناس"، فسكن الحال قليلًا، ثم فُتحت أَبواب القاهرة ونزعوا السلاح، واستمر هرب أَيْتُمُش ومن معه إِلى الشام فوصلوا غزة، فوجدوا آقبغا اللِّكاش قد ملكها فأَكرَمهم وأَنزل أَيْتُمُش بدار النيابة. وتوجّه فارس الحاجب إِلى الشام تقدمة لهم يخبر نائب الشام بأَخبارهم، فرجع نائب الشام إِلى دمشق، ثم دخل أَيتمش ومن معه في خامس ربيع الآخر فتلقَّاهم النائب وبالغ في إِكرامهم.

وبلغ ذلك نائب حماة ونائبَ حلب فراسلا أَيتمش بالطاعة، وعَرَضَ النائب على أَيْتُمُش الحكم (١) وبذل له الطاعة فامتنع وقال: "كلنا لك تحت الطاعة"؛ ثم وصل دمرداش نائب حماة في نصف ربيع الآخر إِلى دمشق فبالغ تنم في إكرامه، فأَقام خمسة أَيام ثم رجع إِلى حماة فتجهَّز ورَجع إليهم.

وبرز نائب حلب إِلى جهة الشام فخالفه الحاجب وركب عليه في جماعة، فكسرهُ النائب وقبض عليه وتوجّه بالعسكر إِلى دمشق فوصل في نصف جمادى الآخرة؛ وكان الأُمراء بمصر قد ظنُّوا أَن نائب حلب معهم فأَرسلوا مددًا من إليه المال صحبةَ قاصد في مركب، فأَلقتها الريح بعكا، فبلغهم مخامرة النائب، فراسلوا نائب الشام فأَرسل إليهم مَن تسلَّم المال منهم.

وقُبض بعد هروب أَيتمش على جمع كبير ممن كان يُنسب إِلى هواه فحُبِسوا بالقلعة وبالإِسكندرية وغيرهما، وأُطلق سودون قريبُ السلطان من الإِسكندرية، وأُحضِر تمراز ونوروز من دمياط، واستقر بيبرس قريبُ السلطان أَتابكًا، وسودون طاز أَمير آخور،


(١) هذه إضافة جديدة لأحداث هذه الفترة ينفرد بها ابن حجر، إذ يستدل على أَن نائب دمشق تنم أراد مكايدة السلطان وتطييب خاطر الثائرين عليه بأَن يسوق الولاية إِلى أَيتمش.