نائب الشام، وجُرح آقْبُغا اللكاش، وخامر دمرداشُ المحمّدي نائبُ حلب فدخل في طاعة السلطان، وكذلك [دخل] أَلطنبغا العثماني نائب صفد وغيرهما لتمام ثمانية عشر أميرًا وجمعٌ جم من المماليك، فتمت الكسرة على الباقين وكان ذلك بتلّ العجول (١).
فلما وصلت المنهزمة إِلى نائب الشام تغيظ عليهم وأَراد مسك بعض أكابرهم فهربوا منه إِلى السلطان، منهم بتخاص والمنقار وفرج بن منجك، ودخل العسكر المصري إِلى غزة منتصرًا وكانوا في قلة من العليق، فوجدوا فيها ما يفوق الوصف فاطمأَنوا وطابت أَنفسهم، واستمرت هزيمة من انهزم من الشاميين إِلى الرملة، فوجدوا نائب الشام قد نزل بها فأَخبروه بما اتّفق لهم فعنَّفهم، فاعتذروا بأَن سبب ذلك مخامرةُ مَن خامر من الأُمراء فعذرهم. ثم لم يلبث أَن وافاه قاضي القضاة الشافعي صدر الدين المناوي رسولًا من السلطان في الصلح، وعَرض عليه نيابة الشام على ما كان عليه في الأَيام الظاهرية وما ينبغى من زيادة على ذلك، أَو الوصول إِلى باب السلطان ويكون أَكبرَ الأُمراء بمصر، فأَظهر [تنم] الإِجابة، ووعظه القاضي وخوّفه وحذَّره من التعرّض لفساد الأَحوال والشقاق، فأَنظَره الجواب أَيامًا وصرفه بجميل، وبالغ في إِكرامه، وكان ذلك يوم الثلاثاء تاسع عشر رجب، فرجع القاضي يوم الخميس فوصل يوم الجمعة وأَخبر العسكر بما اتفق.
ثم وصل كتاب نائب الشام يقول:"أَنا مستمر على طاعة السلطان، وما أُريد إلَّا أَن أَكون نائب الشام لكن بشرطين: أَن يعود أَيتمش إِلى ما كان عليه بالقاهرة، وأَن يسلم السلطان لى يَشْبَك وجَرْكَس المصارع وسودون طاز ونحوهم من المماليك الذين على رأيهم، وأن يُعاد جميع الأُمراء الذين مات عنهم الملك الظاهر على ما كانوا عليه".
فلما تحقق السلطان ذلك أَرسل الجوابَ بالاستعداد للقتال، فركب نائبُ الشام من
(١) أمام هذا في هامش هـ. "تل العجول مكان معروف في طريق الشام وهو عند غزة".