جثة إنسان، وبُنى من رءُوس القتلى عدة مآذن منها ثلاثة في رابية ابن خاجا، وهَلك من الأَطفال الذين أُسِرَت أُمهاتهم ومن الجوع أَكثر ممَّنْ قُتِل.
وذكر القاضي محب الدين بن الشحنة عن حافظ الخوارزمي أَنه أَخبره أَن ديوان اللنك اشتمل على ثمانمائة أَلف مقاتل، وذكر أَيضًا أَن اللنك لمّا جلس في القلعة وطلبَ علماء البلد ليسأَلهم عن عليّ ومعاوية قال له القاضي القفصى المالكي:"كلهم مجتهدون" فقال: "أَنتم تبع لأَهل الشام وكلهم يزيديون ويحبّون قتلةَ الحسين".
وذكر [ابن الشحنة] أَنه قرّر في نيابة حلب - لما توجّه لدمشق - الأَمير موسى بن حاجي طغاى، وكان رحيله عنها في أَول يوم شهر ربيع الآخر، ويقال إِن أَعظم الأَسباب في خذلان العسكر الإسلامي ما كان دمرداش نائبُ حلب اعتمده من إلقاء الفتنة بين التركمان والعرب، حتى أَغار بعض التركمان على أَموال نعير فنهبها، فغضب من ذلك وثار قبل حضور تمرلنك، فلم يحضر الوقعة أَحدٌ من العرب، وقال بعضهم إن دمرداش كان بَاطَن تمرلنك لكثرة ما كان تمرلنك خدعه ومنَّاه.
* * *
وفى أَواخر ربيع الأَول عرض يشبك الدويدار أَجناد الحلقة، فقرّر بعضَهم وقطع بعضَهم، وسافر سودون من زادة في سلخه على هجينٍ لكشف الأَخبار، ثم تحققت أَخبار حلب بوصول قاصد أَسنبغا الذي توجّه قبل ذلك لكشف الأَخبار، فخرج السلطان في ثالث ربيع الآخر، واستقر تمرازُ نائبَ الغيبة، ورحل السلطانُ من الريدانية عاشر ربيع الآخر فوصل غزة في العشرين منه، وتوجّه منها في السادس والعشرين منه بعد أَن قرّر نوابَ البلاد عوضًا عن المأسورين، فولَّى تغرى بردى نيابةَ دمشق، وآقبغا الجمالي نائبَ طرابلس، وتمربغا المنجكي نائبَ صفد، وطولو نائبَ غزة، ووصل السلطانُ دمشق في سادس جمادى الأُولى فوافاهم جاليش تمرلنك في نحو أَلف فارس، فالتقى ببعض العسكر فكسروه في ثامن الشهر المذكور.