للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستقر الصلح على أَلف دينار، فوُزِّعت على أَهل البلد، ثم رجع تمرلنك فتسخطها وقال إنه طلب أَلف تُومان، والتومان عشرة آلاف دينار، فتزايد البلاءُ على أَهل البلد وندموا حيث لا ينفع الندم.

وأَول شيء فعله اللنكية من القبائح تعطيل الجمعة من الجامع الأُموي، فإنه نزل فيه شاه ملك وزعم أَنه نائب تمرلنك على دمشق، وسكنه بأَهله وخيوله وأَسبابه ومنع الناس من دخوله، وتعطلت المساجد من الصلوات، والأَسواقُ من المعاش؛ ثم شرع اللنكية في حصار القلعة، واستكتب تمرلنك من بعض أَهل دمشق أَسماء الحارات وقسَّمَها في أَصحابه وأَقطعها، لهم، فنزل كل أَمير حيث أُقطع وطلبَ سكان ذلك الخُط، فكان الرجل يُقام في أَسوأ هيئةٍ على باب داره ويُطْلَب منه المال الجزيل، فإِن امتنع عوقب إِلى أَن يُخْرِج جميع ما عنده، فإِذا لم يبق له شيء أُحيط على نسائه وبناته وبنيه ففُجِر بهم في حضرته، حتى قيل إنهم يفعلون بهم ذلك في حضرته مبالغةً في الإِهانة، ثم بعد وطْئهم يبالغون في عقوبتهم لإِحضار المال، فأَقاموا على ذلك سبعة عشر يومًا، فهلك تحت الضرب والعقوبة من لا يُحصى.

* * *

ثم خرج منها الأُمراء المذكورون، وصبّح البلدَ في سلخ رجب المشاةُ والرجالة في أَيديهم السيوف المصلتة، فانتهبوا ما بقى من المتاع، وأَلقوا الأَطفال - من عُمر يومٍ إِلى خمس - تحت الأَرجل، وأَسروا أُمهاتهم وآباءَهم، وفسقوا بمن تحمّل الفسق منهم باللواط والزنا وغير ذلك جهارًا، ثم أُطلقت النار في البيوت إِلى أَن احترق أَكثر البلد وخصوصًا الجامع وما حواليه.

* * *

ثم رحل تمرلنك بعساكره في ثالث شعبان، فأَعقب رحيلَه جرادٌ كثيرٌ إِلى الغاية ودام أَيامًا.