للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلبغا ابنَ عقيل بالخشابية واستمر التراضي بينهما، وحدَّث باليسير. قال ابن حجى: "كان يحفظ تنجيز التعجيز"، وسمع في صباه من الحجار وأَسماء بنت صصرى، وكان من أَلطف الناس وأَظرفهم شكلا، ويرقص في السماع، ويجيد التدريس، وله تواليف بديعة الترتيب، وكان يصغِّر عمته ويتصوف. مات في شهر ربيع الأَول عن بضع وستين سنة وكان الجمع في جنازته حافلًا متوافرًا يقال بلغوا ثلاثين أَلفًا. قال العثماني الصفدي: "رأَيْتُه شابا في حلقة النور الأَردبيلي، حسن الملبوس مترفَ الهيئة، ثم رأَيتُه بالقدس بعد ثلاثين سنة وعليه ثياب دنسة وبيده عكاز وقد نحف جسمه"، وقال: "وتوجه إلى مصر مجردًا فزار الشافعي فحضر التدريس بجانب القبة (١) فعرفه المدرس فأَكرمه وأَجلسه معه، ثم سأَله أن يدرّس فدرّس في الموضع الذي كانوا فيه اتفاقا مما عظم به قدره"، ويقال إِنه قال عند موته: "حضرَت ملائكة ربي وبشَّروني وأحضروا لي ثيابًا من الجنة فانزعوا عني ثيابي"، فنزعوها فقال: "أرحتموني"، ثم زاد سروره ومات في الحال.

٢٩ - محمد بن أَحمد بن أَبي بكر بن عبد الصمد بن مرجان الصالحي المقرئ الحنبلي، سمع من القاضي سليمان (٢)، وعيسى المطعم ويحيى بن سعد وغيرهم وحدث. مات في شعبان عن سبعين (٣) سنة.

٣٠ - محمد بن رافع بن أبي محمد بن شافع بن محمد بن سلّام السلامي، الحافظ تقي الدين الصميدي - نسبة إلى قرية من قرى دمشق - المصريّ المولد والمنشأ ثم الدمشقي، وُلد سنة أَربع وسبعمائة، وسمع بإِفادة أَبيه من على بن القيم (٤) والحسن (٥) سبط زيادة ونحوهما، وأَجاز له الدمياطي، ثم ارتحل به أَبوه إلى الشام سنة أَربع عشرة وأَسمعه من التقي سليمان وأبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم وعيسى المطعم وإسماعيل بن مكتوم (٦) وستّ الوزراء (٧)، ثم


(١) يقصد بالقبة جامع الشافعي الذي يرد في حوليات هذه الفترة باسم قبة الإمام الشافعي، أما جانب القبة فكان يعرف "بالقرافة".
(٢) هو القاضي سليمان بن أبي الحسن بن سليمان، تولى في كبره نظر جيش حلب ونظر الكرك وغيرهما من الأقطار الشامية ومات سنة ٧٤٩، راجع الدرر الكامنة ٢/ ١٨٣٦.
(٣) راجع الدرر الكامنة ٢/ ١٨٣٦، ٣/ ٩٨٥، والشذرات ٦/ ٢٣٤.
(٤) الدرر الكامنة ١/ ٢٠٤، وشذرات الذهب ٦/ ٢٣.
(٥) عبارة "والحسن سبط زيادة ونحوهما" غير واردة في ظ.
(٦) الدرر الكامنة ١/ ٩٨٤.
(٧) الدرر الكامنة ٢/ ١٨٠٠.