للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثلاثين فاستوطنها وحصَّل وظائف"، وذكره في "المعجم الكبير" أَيضا، وأَنشد (١) له شعرًا أَنه أَنشده إياه عن الذهبي نفسه فحدَّث عن واحد عن نفسه بشي من شعره. ولما توفي المزي أَعطاه السبكي مشيخة الحديث النورية وقدَّمه على ابن كثير وغيره، ولما شعرت الفاضلية (٢) عن الذهبي قدمه على مَن سواه من المحدثين.

وذكر لي شيخنا العراقي أَن السبكي كان يقدمه لمعرفته بالأَجزاءِ وعنايته بالرحلة والطلب (٣).

قلت: والإنصاف أَن ابن رافع أَقرب إلى وصف الحفظ. على طريقة أَهل الحديث من ابن كثير لعنايته بالعوالي والأَجزاء والوفيات والمسموعات، وابنَ كثير أَقربُ إلى الوصف بالحفظ على طريقة الفقهاء لمعرفته بالمتون الفقهية والتفسيرية دون ابن رافع، فيُجمع منهما حافظ كامل، وقَلَّ من جمعهما بعد أَهل العصر الأَول كابن خزيمة والطحاوي وأَبي حبان والبيهقي (٤)، وفي المتأَخرين شيخنا العراقي.

وكان ابن رافع كثير الإِتقان لما يكتبه والتحرير والضبط لما يصنِّفه، وابتلي بالوسواس في الطهارة حتى انحل بدنه، وأَفسد ذهنَه وثيابه، وتأَسف هو على ذلك، ولم يزل مُبتلًى به حتى مات. قال ابن حجي: "كان يحفظ المنهاج والأَلفية ويُكرر عليهما إلى أَن مات".

٣١ - محمد (٥) بن عبد الله الكازروني، الشيخ بهاء الدين، قدم مصر فصحب الشيخَ أَحمدَ الجزري (٦) صاحِبَ الشيخ ياقوت تلميذ أَبي العباس المرسي، وانقطع بعده في المشتهى (٧) من الروضة، وكان الناس يترددون إليه ويعتقدونه، وكان الشيخ أكملُ الدين كثيرَ التعظيم


(١) عبارة "وأنشد له" غير واردة في ز، وفي هـ "أنشد عنه".
(٢) من دور الحديث الشريف بدمشق، راجع عنها الدارس في تاريخ المدارس ١/ ٨٩ وما بعدها.
(٣) ساقطة من ز.
(٤) الذين ذكرهم المؤلف بالمتن هم محمد بن خزيمة السلمي المتوفى سنة ٣١١ هـ، وأحمد بن محمد بن سلمة الطحاوى الأزدي المتوفى سنة ٣١١، ومحمد بن حبان بن أَحمد البستي المتوفى سنة ٣٤٤، وأحمد بن الحسين البيهقي صاحب الطبقات الكبرى المتوفى سنة ٤٥٨. راجع طبقات الحفاظ للسيوطي.
(٥) في ع، ز "عمر".
(٦) في ز "الحريري" لكن الصحيح هو الجزري، راجع عنه الدرر الكامنة ١/ ٨٢٩، وشذرات الذهب ٦/ ٨٦، وانظر عن الشيخ ياقوت الدرر الكامنة ٤/ ١١٢٧.
(٧) عرف تاريخ البدر، ورقة ٨٧ أ، المشتهى بأنها زاوية بالروضة وفيها يقول ابن أبي حجلة:
في روضة المقياس صوفية … هم بغية الخاطر والمشتهى
لهم على البحر أياد علت … وشيخهم ذاك له المنتهى
انظر أيضا خطط المقريزي ٤/ ٢٩٥.