للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له، وكان أعجوبةً في جذب الناس إليه وإقامتهم عنده، وانقطاعهم عن أَهلهم خصوصا المرد (١)، وممن اتفق له معه ذلك من أَصحابنا الشيخ بدر الدين البُشتكي فيما أَخبرني به، وكان يكثر الثناءَ عليه، وذكر لي أَنه نسخ له شيئًا كثيرًا خصوصا من تصانيف محيى الدين بن عربي، وكان منقطعا إليه إلى أَن مات.

واتفق من العجائب ما حكاه لي الشيخ نجم الدين البالسي أَنه لما مات [الكازروني] حضر جنازته في جملةٍ خلقٌ كثير، فبينا هو في أَثناء دفنه وإِذْ باللاحد خرج من القبر أَمردَ جميلَ الصورة للغاية، فاشتغل الناس أَوْ غالبهم بالنظر إليه، وقضوا العجب من استمرار ملازمة هذا الجنس للشيخ حتى دفنه.

ومات في ذي الحجة وأَرخه ابن دقماق ليلة الأحد خامس ذي القعدة.

٣٢ - محمد بن عبد الرحمن بن أَبي بكر بن السِّراج الزبيدي الحنفي، أَحد الفضلاء، يُكنى أبا يزيد (٢). مات عن ثلاث وخمسين سنة.

٣٣ - محمد بن عبد الكريم بن محمد بن صالح بن قاسم (٣) الحلبي، ظهير الدين أَبو محمد بن العجمي، سمع "صحيح البخاري" و "سنن ابن ماجه" (٤)، و "البعث" لأَبي داود من سنقر الزيني (٥)، "وسمع مشيخة ابن شادان" من بيبرس العديمي (٦) وسمع من غيرهما وحدّث. مات في خامس عشري المحرم عن ثمانين سنة لأَن مولده كان سنة أربعٍ وتسعين وستمائة، وسمع منه شيخنا (٧) وأَرخه، وسمع منه أَيضا ابن عساكر (٨) وأَبو إسحق سبط ابن العجمي - وهو أَقدم شيخٍ له -، والبرهان - آخر من روى عنه - وآخرون، وطلب بنفسه، وكتب الطباق والأَجزاء، ونسخ كثيرا من الكتب بالأُجرة، وكان يسترزق من الشهادة، فإذا طُلب منه السماع طَلب الأُجرة لما يفوته من الشهادة بقدر ما يكفيه من القوت.


(١) في هامش هـ "ليس ببعيد ممن يستكتب ابن عربي جذب المرد إليه".
(٢) "راشد" في الدرر الكامنة ٣/ ١٣٣٥.
(٣) في هـ، ز "هاشم".
(٤) هو أحد الكتب الصحاح الستة وأما ابن ماجة فهو محمد بن يزيد الربعي القزويني المتوفى سنة ٢٧٣ هـ، انظره في تهذيب التهذيب وتذكرة الحفاظ.
(٥) الدرر الكامنة ٢/ ١٨٩٧، شذرات الذهب ٦/ ١٤.
(٦) راجع عنه الدرر الكامنة ١/ ١٣٧١، شذرات الذهب ٦/ ٣٢.
(٧) يعني بذلك العراقي.
(٨) في ع "ابن عشائر".