للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كانت راجحة إلَّا أن سودون طاز تحيل، فأمر الناصر أن يبعث الخليفة والقضاة إلى نوروز في طلب الصلح فوصلوا إليه، فانقاد لهم وتبعه جكم وغيره وتركوا الحرب، فدار القضاة والخليفة وحلَّفوا الأمراء بالسمع والطاعة للسلطان وأخمدوا الفتنة.

وطلع نوروز إلى الخدمة فخُلع عليه، ثم طلع جكم فلم يُخْلع عليه، ثم طُلب منه جماعة من الأُمراء الذين كانوا معه فجحد معرفة أمكنتهم. وبرز هو ومن معه من الأمراء والخاصكية إلى بركة الحبش، ثم جاء تمربغا المشطوب وغيره إلى نوروز فأركبوه إلى بركة الحبش، واجتمع عندهم بما يقارب ألفي نفس.

فلما كان الرابع عشر من شوال نزل السلطان وجميع من معه وخرجوا من باب القرافة، وجكم ومَن معه لا خَبَرَ عندهم من ذلك لأنهم كانوا سمعوا بأنه نودى بعرض الأجناد، فبنوا الأمر على أن الحرب تقع بينهم يوم النصف، فبادر سودون طاز بالسلطان ومن معه عقب العرض يوم الأربعاء رابع عشر فالتقوا، فانكسرت مقدمة نوروز وجكم، وأُسِر تمربغا المشطوب وعلى بن إينال وأرغون.

ووَلَّى جكم ونوروز هاربين أيضا، وسُفِّر تمربغا - ومَن أُسِر - إلى الاسكندرية، واستقر بيبرس قريبُ السلطان أتابكَ العساكر، وأمر أن يخرج يشبك من الحبس، فسافر إليه القاصد يوم النصف من الشهر فوصلها رابع (١) عشريه فاستقر دويدارًا على عادته.

ثم ظهر نوروز وراسل بيبرس من الجيزة فأمّنه وحلف له بالطلاق أنه يستقر نائب الشام، فركب إليه وخرج ليْلًا بغير علم أحد، فحضر عنده فأُمسك وقُيّد وأرسل إلى الاسكندرية، ثم قُبض على حكم أيضا وقيد وأُرسل إلى قلعة المرقب (٢)، وغضب بيبرس من مخالفة رأيه وحَنْثِ يمينه، وأَرْضِى بالمال.


(١) في هـ: "مع غيره".
(٢) عرف مراصد الاطلاع ٣/ ١٢٥٩ - ١٢٦٠ قلعة المرقب بأنها تشرف على سواحل بحر الشام وعلى مدينة بانياس، وذكر أنه لم ير أحد مثلها قط.