على بلاد المسلمين وخربوا المساجد وبنوا بدلها الكنائس وأسروا وسبوا ونهبوا، وفرّ أولاد سعد الدين وهم صير الدين علي ومعه تسعة من أخوته إلى البر الآخر فدخلوا مدينة زبيد، فأكرمهم الناصر أحمد بن الأشرف وأنزلهم وأعطاهم خيولاً ومالاً فتوجهوا إلى مكان يقال له سيارة، فلحق بهم بعض عساكرهم، واستمر صير الدين على طريقة أبيه وكسر عدة من جيوش الحطى وحرق عدة من الكنائس وغنم عدة غنائم، وسيأتي خبر صير الدين في سنة خمس وعشرين.
وفي العشر الأخير من شوال سعى السالمي في إبطال مكس الذبيحة من الغنم والبقر وغيرهما، والسبب أن غالب المتجوهين أخذوا مراسيم بمساميح، بعضهم ببقرة وبعضهم بشاة أو أكثر، فما بقي لجهة الدولة شيء يتحصل من الجهة فنودي بإسقاط ذلك، ثم أعيد بعد مدة لكن بصورة أخرى وهي ترك الصوف والجلد لجهة الدولة.
وفي أواخر ذي الحجة ثار الجند بالأستادار يلبغا السالمي وأغلق باب القلعة فهرب من باب السر، ثم أخرج من طاحون بالقرافة ورسم عليه السلطان وألزمه بتكفية العليق والنفقة وانسلخت السنة على ذلك.
وفيها خرج طاهر بن أحمد بن أويس على أبيه وحاربه وكسر جمعه وأطاعه العسكر بغضاً منهم في أبيه لسوء سيرته، ففرّ أحمد إلى الحلّة فتبعه ولده وحاربه ففرّ إلى بغداد ليأخذ وديعة له، فهجم عليه طاهر واستنقذ منه المال فاستنجد أحمد بقرا يوسف من تبريز فأعانه فاجتمعا على حرب طاهر فانهزم، واتفق أنه اقتحم فرسه في حال الهزيمة جانباً من دجلة لينجو منه إلى البر الآخر فغرق.