للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضربه ضربا مبرحا واستأصل أمواله، ومات من العقوبة في أواخر السنة، وقد قُتل سودون قصاصا بعد ذلك كما يأتى.

٢٢ - على بن عبد الله التركي نزيل القرافة بالمقطم، كان للناس فيه اعتقاد كبير، وتحكى عنه كرامات، وكانت شفاعته لا ترد، مات في ربيع (١) الأول. وكان أبوه من المماليك السلطانية فنشأ هو في بيت الملك الناصر الكبير (٢)، فلما كبر خرجت في وجهه قوباء فتألَّم منها وعالجها فلم ينجح فيها دواء، فوجد شيخا يقال له عمر المغربي فطلب منه منه الدعاء فاستدعاه، ولحس القوباء بلسانه فشفاه الله سريعا، فاعتقد ورمى الجندية وتبع الشيخ المذكور وسلك على يده وانقطع إلى الله ولم يترك زى الجندية ولا أخذ في يده مسبحة ولا لبس مرقعة، بل كان مقتصدا في ملبسه ومأكله، وكل ما يفتح عليه به يتصدق به ويؤثر غيره به. ومات وله أربع وثمانون سنة.

وكان يقول: "ما رأيت أروع من الشيخ عمر ولا أهيب من الناصر" وكان يقول: "أعرف الناس من أيام الناصر، ما رأيت لهم عناية بأمر الدين، لكن كان فيهم حياد وحشمة تصدهم (٣) عن أمور كثيرة صارت تبدو من رئيس الرؤساء الآن، قلت: "فكيف لو أدرك زماننا".

يقال بلغ التسعين، وذكر لي أنه كان يذكر ما يدل على أن عمره أربع وثمانون سنة، وقد زرته وأنا صغير وسمعت كلامه ودعا لي، ولكنى لا أتذكر أني زرته وأنا كبير، والله أعلم.


(١) "آخر" في ظ، وإعلام ابن قاضي شهبة، ٢٠٠ ب.
(٢) غير واردة في ظ، لكن انظر الضوء اللامع ٥/ ٨٥٧.
(٣) من هنا لآخر الترجمة غير وارد في ظ.