للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عيسى المغربى وكان يلقن القرآن في الجامع الطولوني فتزوج أمه فعُرف به، وحفظ القرآن والعمدة وشغَّله في مذهب مالك، ثم أشار عليه بعض أصحاب أبيه أن يقرئه "المنهاج" فحفظه وأنشأ له وَصِيُّهُ ربعا فكان يكتفى بأجرته ويوفر له بقية ماله، فكان يقتنى الكتب.

بلغني أنه حضر في الطاعون العام بَيْعَ كتب لشخص من المحدثين وكانت وصيته ألا يبيع إلَّا بالنقد الحاضر، قال: "فتوجهت إلى منزلى فأخذت كيسا من الدراهم ودخلت الحلقة فصببته، فصرت لا أزيد في الكتاب شيئًا إلا قال نعم (١) فكان مما اشتريت "مسند الإمام أحمد بثلاثين درهما".

وكان ربما عرف بابن النحوى وربما كتب خطه كذلك، فلذلك اشتهر بها ببلاد اليمن. عنى في صغره بالتحصيل فسمع من ابن سيد (٢) الناس والقطب الحلبي، وأكثر من أصحاب النجيب وابن عبد الدايم، وتخرج بزين الدين الرَّحْبي (٣) ومغلطاي، وكتب عنهما الكثير وتفقه بشيوخ عصره ومهر في الفنون، واعتنى بالتصنيف قديما فشرح كثيرًا من الكتب المشهورة "كالمنهاج" و "التنبيه" و "الحاوى" على كل واحد منها عدة تصانيف، وخرّج "أحاديث الرافعى" وشرح "البخارى" ثم شرح "زوائد مسلم" عليه، ثم "زوائد أبي داود" عليهما، ثم "زوائد الترمذي" على الثلاثة (٤) ثم "النسائي" كذلك، ثم ابن ماجه كذلك.


(١) عبارة الضوء اللامع ٦/ ٣٣٠ "بع له".
(٢) هناك ثلاثة إخوة عرف كل منهم باسم "ابن سيد الناس" وهم: سعد الدين محمد بن محمد بن محمد المتوفى سنة ٧٢٨ هـ وأبو سعيد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ولا نعرف سنة وفاته، وأبو القاسم محمد بن محمد بن محمد المتوفى سنة ٧٤١ هـ، وربما كان هو المقصود فقد سمع منه العراق، انظر عنهم الدرر الكامنة ٤/ ٤٤٣٧، ٤٤٣٨، ٤٤٣٩، على أن هناك من اسمه أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن سيد الناس المتوفى سنة ٧٣٤ صاحب السيرة المعروفة بعيون الأثر.
(٣) لم أجد له ترجمة ولكن وردت الإشارة إليه في ابن كثير: البداية والنهاية، سنة ٧٣٥ في الكلام عن علاء الدين السنجاري، إذ قال إنه كتب إليه بموته.
(٤) "عليهم" في ظ.