ثم كانت وقعة السعيدية فتفرقوا ورجع جكم إلى حلب فاستولى عليها وكسر التركمان ودعا أهل حلب إلى مبايعته بالسلطنة فأجابوه، وذلك في تاسع شوال وكان قطع الخطبة للناصر من جمادى الآخرة وتلقب العادل ولم يتسلطن إلا في شوال، وخطب له على المنابر ولبس خلعة السلطان في عاشره وركب من دار العدل إلى القلعة، وكتب إلى نواب الشامات فأطاعوه إلا القليل، وبلغ ذلك الناصر فخرج طالباً قتاله فقتل سودون طاز، قتله دويدار دمرداش بغير أمره وهرب جكم.
وفيها هرب قانباي العلائي من محبسه بقلعة الصبيبة وكان مع نوروز وغيره.
وفي ذي الحجة تقلد القاضي عز الدين عبد العزيز البغدادي الحنبلي قاضي القدس سيفاً ووقف بالمسجد الأقصى وجمع الناس وأشهد على نفسه أنه حكم بزندقة القاضي شهاب الدين الباعوني خطيب المسجد الأقصى ومنع الناس من الصلاة خلفه، فسئل عن مستنده في ذلك فذكر أنه سمعه يقول إنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم يقبل يد الباعوني، فاستفتى الباعوني عند ذلك العلماء بالقدس، فأفتوا بأن ذلك لا يقتضي كفراً ولا زندقة، فوصل الباعوني إلى دمشق في المحرم من السنة المقبلة فشكاه إلى نائب دمشق فأرسل إليه ليحكم بينهما ففر إلى العراق.
وفيها حاصر قرا يوسف التركماني صاحب تبريز بغداد فهرب صاحبها أحمد بن أويس إلى جهة الشام فوصل إلى دمشق فغلب قرا يوسف على بغداد، فجهز إليه تمرلنك طائفة فكسرهم، فبلغ ذلك تمرلنك فجهز إليه ولده مرزا شاه في مائة ألف، فنازلوا قرا يوسف فهزموه فهرب إلى الرحبة ولم يمكن من دخولها، وتعصب عليه جماعة من جهة نعير فهرب أيضاً إلى جهة الشام، فوقع بينه وبين نعير وقعة فانكسر قرا يوسف ووصل إلى الشام في ربيع الآخر، فأكرمه النائب وكان قد تعب وجهد منذ