للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَكملُ الدين وبرهانُ الدين بنُ جماعة، ويقال إن السلطان كان توعك فأَشاروا عليه بذلك، فاتّفق أَنه عوفي فأَمضى ذلك واستمر.

* * *

وفيها وقف النيل عن الزيادة وأَبطأَ الوفاءُ إلى أَن دخل توت أَول السنة القبطية ووقع الناروز قبل كسر الخليج حتى قال بدر الدين بن الصاحب:

نيروزُ مصر بلا وفاء … يُعَدُّ (١) صقْعا بغيْر ماءِ

واستمر التوقّف إلى تاسع توت، فاجتمع العلماءُ والصلحاءُ بجامع عمرو بن العاص واستسقوا (٢)، وكُسِر ذلك اليوم الخليج عن نقص أَربعة (٣) أَصابع عن العادة، ثم توجَّهوا إلى الآثار (٤) وأَخذوها إلى المقياس، فأَقاموا من قبل العصر إلى آخر النهار يتوسلون إلى الله تعالى ويبتهلون ويستسقون (٥)، فلم يزد الأَمر إلّا شدة، ثم نودي بصيام ثلاثة أيام، وخرجوا في ثالث ربيع الآخر إلى الصحراء مشاةً، وحضر غالب الأَعيان (٦) ومعظم العوام وصبيان المكاتب؛ ونُصب المنبر فخطب عليه شهاب الدين بن القسطلاني خطيب جامع عمرو وصلَّى صلاة الاستسقاءِ ودعى وابتهل وكشف رأسه [وحوّل (٧) رداءَه]، واستغاث الناس وتضرّعوا وكان يوما مشهودًا. وفي صبح هذا اليوم اجتمع العوام بالمصاحف وسأَلوا أن يُعزل علاءُ الدين بن عرب عن الحسبة فعُزل، واستقر عوضه بهاء الدين [محمد] بن المفسر وأُضيفت إليه وكالة بيت المال و [نظر] الكسوة ثم عزل في أَثناء السنة وأُعيد علاءُ الدين، فاتفق وقوع أَمطار كثيرة بحيث زرع الناس عليها البرسيم. وكان في الصعيد أيضا (٨) مطر غزير زرع الناس عليه بعض الحبوب.


(١) في ك "بعد صفا".
(٢) في ز "استشفعوا".
(٣) الوارد في السلوك، ورقة ٧٩ أ، أنه قد بقي من الوفاء خمسة أصابع.
(٤) وتعرف بالآثار النبوية وهي قطعة خشب وأخرى من حديد كان الناس يتبركون بها زعما منهم بأنها من آثار الرسول ، وقد وجد لهما رباط عرف باسم "رباط الآثار" قرب بركة الحبش، وتحول هذا الرباط اليوم إلى مسجد "أثر النبي". أما الآثار فنقلت إلى جامع الحسين رضوان الله عليه. انظر في تحقيق ذلك المرحوم محمد رمزي في النجوم الزاهرة ١١/ ٢٧٢ حاشيه رقم ٢.
(٥) راجع نشق الأزهار، ورقة ٢١٥ ب - ٢١٦ أ.
(٦) كان المقريزي ممن خرج في ذلك اليوم لكنه لم يزد عما أورده ابن حجر سوى قوله: "وخرج الناس في بكرة الخميس عشريه إلى قبة النصر خارج القاهرة وهم حفاة مشاة بثياب مهنتهم ومعهم أطفالهم، وكنت ممن خرج يومئذ"، راجع السلوك، ورقة ٧٩ أ.
(٧) الإضافة من السلوك، ورقة ٧٩ أ.
(٨) "أيضا" غير واردة في هـ.