للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالاتحاد المفضى إلى الإلحاد، وكذا نَظْمُ والده (١)، وفى أَواخر أَمره نَصَب في داره منبرًا وصار يصلى الجمعة هو ومَن يصاحبه مع أَنه مالكيّ المذهب يرى أَن الجمعة لا تصحّ في البلد - ولو كبر - إلا في الجامع العتيق؛ وله ديوانُ شعر وموشحاتٌ وفصول ومواعظ، ومن شعره:

أنا مَكْسُورٌ وأَنْتُمْ أَهْلُ جَبْر … فارْحَمُو بي فَعَسَى يُجْبَرُ كَسْرِي

باكرَامَ الحَيِّ يَا أَهْلَ العَطَا … انْظُرُوا لِي واسْمَعُوا قِصَّةَ فَقْرِى

١٧ - على بن أبي بكر بن سليمان بن أَبي بكر بن عمر بن صالح الهيثمي (٢)، الشيخ نور الدين أَبو الحسن، وُلد سنة خمسٍ وثلاثين وصَحِبَ الشيخَ زينَ الدين العراقي وهو صغير فسمع معه من ابتداء طَلَبه على أبي الفتح الميدومى وابن الملوك وابن القطرواني وغيرِهم من المصريين، ومن ابن الخباز وابنِ الحموى وابنِ قيِّم الضيائية وغيرِهم من الشاميين، ثم رحل معه جميعَ رحلاته وحَجّ معه جميع حجاته، ولم يكن يفارقه حضرا ولا سفرا، وتزوج ابنتَه (٣) وتخرّج به في الحديث وقرأَ عليه أَكثر تصانيفه، وكتب عنه جميعَ مجالس إملائه، وخرّج زوائد الكتب الستة: مسند أَحمد والبزاز وأَبي يعلى ومعاجم الطبراني الثلاثة مفردات، ثم جمعها في كتابٍ واحدِ محذوفِ الأَسانيد (٤)، وجمع "ثقات ابن حيان" فرتَّبها على حروف المعجم، وكذلك "ثقات العجلي"، ورتب "الحلية" على الأَبواب، وصار كثير الاستحضار للمتون جدًّا لكثرة الممارسة.

وكان هيّنًا ليّنًا ديّنًا خيرًا محبًّا في أهل الخير لا يسأَم ولا يضجر من خدمة الشيخ (٥) وكتابةِ الحديث، وكان سليمَ الفطرة كثيرَ الخير كثيرَ الاحتمال للأَذى خصوصا من جماعةِ الشيخ


(١) أمامها في هامش ز "استغفر الله العظيم، هو ووالده بريئان من ذلك، أعاد الله تعالى علينا من بركتهما وبركات علومهما في الدنيا والآخرة بجاه سيدنا رسول الله ".
(٢) أمامها في هامش هـ: "أبو الحسن الهيثمي".
(٣) وتعرف بخديجة، انظر الضوء اللامع ٥/ ٦٧٦.
(٤) سماه "بمجمع الزوائد"، انظر ص ٣١٠ س ١، ٤.
(٥) يقصد بذلك زين الدين العراقي.