الطريقة فعاد إلى نيابة الحكم عن قضاة الحنفية، وبلغ من أَمره في سلطنة الأَشرف أن القاضي زين الدين التفهنى امتنع من استنابته، فأُرسل إليه ناظر الجيش وكاتب السر برهان الدين الشريف برسالةٍ من السلطان يأْمر القاضي باستنابته، وصار يحضر المولد النبويّ واستمر على طريقته ومجونه إلى أَن مات فى أَواخر سنة ثلاث وثلاثين مقهورًا، أَنه كانت له صرّة ذهب خشى عليه من السُّرّاق فأَودعها عند بعض القضاة، ثم احتاج إلى شيءٍ منها فادّعى أَنها سُرقت من منزله وحلف له على ذلك فما استطاع أَن ينازعه في ذلك لشدّة سطوة القاضي المذكور وبادِرَتِه، فكمد فمات.
* * *
وفيها أَرسل ملك الهند ببنجالة -واسمه أَحمد خان بن ميرخان بن ظفر خان- وكان أبوه كافرًا فأَسلم هو وقتل جدّه وأَحرق عمّ أَبيه واسمه "لان"، فأَرسل إلى مكة خيمةً حمراءَ كبيرةً جدا ليُظِلّ بها الطَّائفين حول البيت، فنصب بعضها وأُخِّر أَكثرها متوقِّفًا على إذْنِ صاحب مصر، ثم تنوسِيَت وتملَّكها صاحب مكة لنفسه.
وفيها بُنِيَتْ المدرسة البنجالية بالجانب اليماني ممّا يلى صنعاءَ وصَرف عليها أَلوف الدنانير، ورتَّب لها مدرّسين وطلبةً وغير ذلك، وأَهدى ملك بنجالة لأَهل مكة شاشات كثيرة جدا حتى قيل إنَّ الذي خصّ صاحب مكة وحده أَلف شاش.
وفيها بدأَ جمال الدين الأستادار في إنشاء مدرسته برحبة العيد وذلك في خامس جمادي الأُولى.
* * *
وفيها بعد قتل جكم جمع خليل بن قراجا بن علي بن ذلغادر التركماني -الذي يقال له علي بَك- جمْعًا من التركمان وقصد حلب لإخراج مَن فيها مِن أَتباع جكم، وكان جكم حبس ولده بالقلعة، فلما وصل إلى مرج (١) دابق أَرسلوا إليه ولده فتوجّه إلى أَن نزل بالميدان الأَخضر شمالي البلد، وخرج أَهل البلد لقتاله فكسرهم، وذلك في سادس عشر
(١) هو من أعمال قنسرين، انظر ٥٠٣. Le Strange : op. cit p