على ساحل البحر- في حربٍ بينه وبين كنانة وهم العرب النازلون بها، واستقل أَخوه موسى بالإمرة، وكان شريكَ أَخيه دريب فيها لكن لا كلام له معه، فلما قُتل انفرد موسى بالإِمرة، فلما أَن غَلبت كنانة ثار حسن بن عجلان عليه فانتزع منه البلد،، فلجأَ موسى إلى النَّاصر صاحب اليمن، فسأَل ابن عجلان أَن يكفّ عنه فترك له بلده فاستمر به (١) إلى أَن مات، كما سيأْتي في سنة ثماني عشرة.
* * *
وفي آخر ربيع الآخر أُحضر زين الدين عبد المعطي الكوم ريشي إلى منزل جمال الدين الأستادار فضربه بحضرة القضاة الأَربعة سبعمائة عصًا وسجنه، وحصل له من الناس - حالةَ مجيئه وتوجّهه إلى الحبس- صفع عظيم، وكان السبب في ذلك أَنه كان يتردَّد إلى آقباي الحاجب فأَقامه في عمارةٍ له برأْس البندقانيّين، وآقباي يومئذٍ نائب الغيبة، وكان المذكور ينوب عن الحنفيّ في الحكم وعنده رسلٌ فيأْمرهم بصفع من يريدُ مَنْ يتحاكم إليه فتحاماه الناس، فصار يرسل لمن يريد إهانته مِن بياض الناس فيصفع بحضرته، وشاع عنه أَنه رُفع له شاب نحو العشرين سنة وادُّعِىَ عليه أَنه أَكره صغيرًا مراهقا حتى فسق به فأَمر فى الحال مَن بحضرته من الفعلة الذين في العمارة أَن يفسقوا به قصاصًا بزعْمه، فعَظُمت لشناعة عليه بذلك، فأَرسل الأَمير أَحمد بن أُخت الأستادار -وهو يومئذٍ ينوب عن خاله- إليه فهرب واحتمى بآقباي، فعلم آقباي بصورة الحال فأَرسله إلى نائب الأستادار فضربه واجتمع عليه مَن تقدّم له منه أَذًى من العوامّ فكادوا يقتلونه وبالغوا فى إهانته وصفعه، ثم خلص وعاد إلى ما كان عليه.
فلمّا قدم العسكر شكى ولد القاضي الحنفي له ما جرى، وكان هو يبالغ في الإساءة لولد الحنفي ويزْدرى بجميع النواب، فتمالئوا عليه وأَنهوا إلى الأستادار قصّته فضربه كما تقدّم وسجنه، ثم بلغ خبره السلطان فأَمر بإحضاره فضربه بالمقارع وأَقام في الحبس مدةً طويلةً ثم خلص بعد ذلك بمدّة وتناسى الناس الخبر، وأَظهر هو الرجوع عن تلك