للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حلب في صفر ثم دخل دمشق، واتفق أَن التمرية أَسروه فاستصحبوه من سنةِ ثلاثٍ وثمانمائة إلى سمرقند فأَقام بها مدةً ثم خلص منهم، وسار في هذه السنة فقدم إلى دمشق فاستعاد وظائفه ولكنه لم يعش إلَّا يسيرًا -بعد أَن قدم- دون شهر.

وكان يذكر أَنه رأَى النبي في المنام فبشَّره أَنه يتخلَّص من الأَسر ويعود إلى دمشق، فكان كذلك.

وعمل مائة مليح عارض بها الصفدي وابن الوردي وسمّاها "شين العرض بالملاح، بعد الزين والصّلاح" ومن شعره:

للشافِعيِّ عذَارٌ … يَقُولُ قولًا ذَكِيًّا

لا خيْر في شافعي … إنْ لم يكُنْ أَشْعَرِيًّا

مات في جمادى الآخرة (١).

٢٩ - محمد بن إبراهيم بن عبد الله الكردي، الشيخ شمس الدين القدسي نزيل القاهرة، وُلد (٢) سنة سبعٍ وأَربعين وسبعمائة وصَحِبَ الصالحين، ثم لازم الشيخ محمد القرمي ببيت المقدس وتلمذ له، ثم قدم القاهرة فقطنها، وكان لا يضع جبينه بالأَرض بل يصلِّي في الليل ويتلو، فإن نعس أَغفى إغفاءَةً وهو مُحْتَبٍ ثم يعود؛ ومن شعره:

لمْ يَزَلِ الطَّامِعُ فِي ذِلَّةٍ … قَدْ شُبِّهَتْ عنْدِي بذلّ الكلابْ

وَلَيْس يَمْتَازُ عَلَيْهِم سوى … بوجْهه الكَالِح (٣) ثم الثيابْ

وكان يواصل الأَسبوع كاملًا (٤)، وذكر أَن السبب فيه أَنَّه تعشَّى مع أَبويه قديمًا فأَصبح لا يشتهى أَكْلا، فتمادى على ذلك ثلاثة أَيام، فلمّا رأَى أَنّ له قدرةً على الطي تمادى


(١) أشار الضوء اللامع ٦/ ٨٧٠ إلى أن المقريزي جزم بهذا الشهر، على حين أن هناك من يقول إن وفاته في شعبان من هذه السنة، كما أنها كانت في السنة التي بعدها.
(٢) كان مولده بالقدس، انظر الضوء اللامع ٦/ ٨٩٠.
(٣) "الصالح" في ك.
(٤) يعني بلا أكل كما سيرد حالا.