للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنه لا يريد إِلَّا طاعة السلطان والانتماءَ إليه ويعتذر عمّا جرى منه، ويصف نفسه بالعدْل والرفق بالرّعية ويصف نوروز بضدّ ذلك ونحو ذلك من الخداع، فلم يُجِبْه الناصر عن كتابه.

وفي الثالث عشر من شوّال وصلت عساكر شيخ إلى صفد فنازلوها وفيها شاهين الزردكاش، فجرت لهم حروب وخطوب إلى أَن جُرح شاهين في وجهه ويده وهرب،، وأُسر أَسند مر كاشف الرملة، فوصل إلى صفد يشبك الموساوي من القاهرة وسودون اليوسفي وبردبك من جهة نوروز، فقوى بهم أَهل صفد، ورجع من الشيخية قرقماس إلى دمشق، وأَمدّه شيخ بنجدة كبيرة، وأَخذ من دمشق آلات القتال ورجع إلى صفد، فاشتدّ الخطب واشتدّ القتال بين الفريقين، وكانت الدائرة على الشيخية وانهزم قرقماس وجُرح وقُتل عدة من أَصحابه وأَسر أَهل صفد لكنهم بين قتيل وجريح، وقُتل ابن كَبَرْ الأَكبر وغُوِّرت عين ابنه الآخر وأُصيبت رجُلُ ابنه الثالث، وأَبْلى هؤلاءِ بلاءً عظيما وكذلك محمد بن منازع، وهؤلاء من عربان تلك البلاد، فخرجوا بعد الوقعة فعاثوا في البلاد وأُفسدوا، ورجع يشبك الموساوي إلى غزَّة فكاتب الناصر بما اتَّفق، واشتدّ الخطب على أَهل دمشق بسبب ذلك وحفيت منهم الخيول والأَموال، وكل ذلك وشيخ بحمص يحاصر نوروز ومَن معه بحماة، فلما بلغه ذلك جهّز عسكرًا إلى أَصحابه ينجدهم به فمضوا إلى جهة بيسان (١) وكبسوا محمد بن هيازع أَمير عرب آل مهدي (٢) وأَخذوا ما كان معه،، وتوجّهوا إلى صفد فحاصروا شاهين الزردكاش أيضا.

* * *


(١) هي مدينة بالأردن بالغور الشامي، بين حوران وفلسطين، وبهاعين الفلوس وهى عين فيها ملوحة يسيرة، انظر ابن عبد الحق البغدادي: مراصد الاطلاع ١/ ٢٤١، ٣٣٦. Dussaud : Topographie Historique de la Syrie، p وأنظر أيضًا النصوص الجغرافية والتاريخية التي وردت بشأنها في كتب الجغرافيين المسلمين وهى النصوص التي جمعها لسترانج في كتابه ٤١١ - ٤١٠. Palestine Under the Moslems، pp
(٢) وردت في نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب للقلقشندي، ص ٤٢٧، الإشارة إلى بني مهدي، ويستفاد منها أنهم من القحطانية على أن هناك بطنين منهم، الأولى بطن من بني حولان من حمير، وكانت لهم دولة باليمن، إلا أنها انقرضت باستيلاء توران شاه على اليمن، وأما البطن الثانية فمن بني طريف من جذام، ولعل هذه البطن هي التي ترجع إليها القبيلة الواردة في المتن أعلاه، إذ المعروف أن منازلهم بالبلقاء من بلاد الشام.