للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها طرق قرا يوسف بغداد، فطرق عراق العجم وديار بكر، ووصل إلى الموصل فملكها وسلطن محمد شاه ابنه، وكتب بذلك إلى شيخ وأَعلمه أَن يفرغ من تلك الجهات، وأَنه عَزَم على الحضور إلى الشام نجدةً للأَمير شيخ لما بينهما من المودّة والعهود، فاستشار شيخ أَصحابه فأَشاروا عليه بأَن يجيبه إلى ما طلبه من الحضور إِليهم ليستظهر بهم على أَعدائه، فخوّفه تمراز الناصري عاقبةَ ذلك، وأَشار عليه بأَن يكاتب الناصر بحقيقة ذلك وأَنَّه يخشى من استطراق قرا يوسف في بلاد الشام أَن يتطرّف منها إلى مصر، فأخَّر جوابه.

* * *

وفي السادس من ذي الحجة توجّه الدويدار إلى البقاع (١) للاستعداد لبردبك لما طرق الشام، فوصلت كشافة بردبك في التاسع عشر إلى نواحي دارم، ثم نزل هو شقحب فتأَّهبّ مَن بالقلعة بدمشق، وخرج العسكر مع سودون بقجة والقرمشي فوقع القتال، فانكسر جاليش سودون بقجة وحمل هو على عسكر بردبك فكسرهم، ثم انهزم بردبك على خان إبن ذي النون (٢) فرجع إلى صفد ونُهب من كان معه، واجتمع جميع الشيخونية وتوجّهوا قاصدين غزَّة.

* * *

وفي هذا الشهر اشتدّ الحصار على نوروز و دمرداش بحماة وتقلَّل عنهما أَكثر من كان معهما، وانضم أَكثر التركمان إلى شيخ ووصل إليه العجل بن نعير نجدةً له بمن معه من العرب في ثاني عشر ذي الحجة فعسكر بظاهر حماة، فوقع القتال بين الطائفتين، واشتدّ الخطب على النوروزية فمالوا إلى الخداع والحيلة ولم يكن لهم عادة بالقتال يوم الجمعة، فبينما الشيخية مطمئنين إذا بالنوروزية هجموا عليهم وقت صلاة الجمعة فاقتتلوا إلى قرب العصر، فكانت الكسرة على النوروزية ورجعوا إلى حماة، فأُسِر من النوروزية جماعة، منهم: سودون الجلب وشاهين الأّياسي وجانبك القرمي وغيرهم فأُرسلوا إلى السجن بدمشق ثم إلى المرقب، وغرق أَمير التركمان بنهر العاصي وكذلك أَخوه يونس وآخرون وتسحَّب منهم جماعة،


(١) ويعرف أيضًا ببقاع الكلب، وهو واد فسيح بين بعلبك وحمص ودمشق كما ورد في ياقوت: المعجم ١/ ٦٩٩، هذا وقد أفرد Duasaud : op.cit. pp. ٨٩٦ et son فصلا قائما بذاته عن البقاع أشار فيه إلى اكتشافات Camille Caller في هذا الوادي بين عامي ١٨٣٢، ١٨٣٣، وأشار إلى أن بعلبك تقع في وسط طرق مواصلاته الكبرى، كما عند هذه الطرق.
(٢) of. Dussaud: op. cit. pp. ٨١٨، ٣٢٠.