للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّالِحِينَ فِي اللُّغَةِ الْعُمُومُ وَالِاسْتِغْرَاقُ، وَحَسْبُكَ بِهِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالصِّدْقِ.

قَوْلُهُ: «الْوَاقِفِيَّةُ» ، أَيِ: احْتَجَّ الْوَاقِفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الصِّيَغَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ لِلْعُمُومِ، بَلْ لِمَا ذَكَرُوهُ قَبْلُ بِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ مُتَحَقِّقُ الْإِرَادَةِ مِنَ الصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ، نَحْوَ الرِّجَالِ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يَحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا وَأَنْ لَا يَكُونُ، وَإِذَا احْتَمَلَ وَاحْتَمَلَ ; فَلَا تَثْبُتُ إِرَادَتُهُ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِرَادَتِهِ ; فَيُسْتَصْحَبُ حَالُهُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى وَضْعِ هَذِهِ الصِّيَغِ لِلْعُمُومِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَقْلِيًّا أَوْ نَقْلِيًّا، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ، إِذْ لَا أَثَرَ وَلَا مَدْخَلَ لِلْعَقْلِ فِي اللُّغَاتِ ; لِأَنَّ طَرِيقَهَا التَّوْقِيفُ، أَوِ الِاصْطِلَاحُ. وَالثَّانِي بَاطِلٌ أَيْضًا ; لِأَنَّ النَّقْلَ إِمَّا تَوَاتُرٌ أَوْ آحَادٌ، وَالتَّوَاتُرُ مَفْقُودٌ، إِذْ لَوْ نُقِلَ أَنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ لِلْعُمُومِ بِالتَّوَاتُرِ، لَاشْتَرَكْنَا فِيهِ جَمِيعًا، وَلَمْ يَخْتَصَّ بِهِ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ كَسَائِرِ الْقَضَايَا الْمُتَوَاتِرَةِ، وَأَمَّا نَقْلُهُ بِطَرِيقِ الْآحَادِ ; فَهُوَ غَيْرُ مُفِيدٍ لِلْعِلْمِ، بَلْ لِلظَّنِّ ; فَلَا يَثْبُتُ بِهِ هَذَا الْأَصْلُ الْعَامُّ الْعَظِيمُ الْخَطَرِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْعَرَبَ اسْتَعْمَلَتْ هَذِهِ الصِّيَغَ فِي الْخُصُوصِ تَارَةً، وَفِي الْعُمُومِ أُخْرَى عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ كَلَامِهِمُ الْمَنْقُولِ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ كُلِّ مَا اسْتَعْمَلُوهَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِغْرَاقِ وَأَقَلِّ الْجَمْعِ وَمَا بَيْنَهُمَا، فَلَوْ لَمْ تُجْعَلْ لِلِاشْتِرَاكِ، لَكَانَ جَعْلُهَا مَوْضُوعَةً لِأَحَدِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ تَحَكُّمًا وَتَرْجِيحًا مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ ; فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ أَنَّ الْعُمُومَ لَا صِيغَةَ لَهُ بِالْوَضْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>