للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

- قَوْلُهُ: «وَأُجِيبُ» ، أَيْ: عَنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْوَاقِفِيَّةُ.

أَمَّا عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَقَوْلُهُمْ: مَا زَادَ عَنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ مَشْكُوكٌ فِيهِ ; فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ. وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّهَا لِلْعُمُومِ إِمَّا الْعَقْلُ، أَوِ النَّقْلُ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ.

قُلْنَا: هَذَا لَا يُسْمَعُ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ إِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى التَّمَسُّكِ فِي الْعُمُومِ بِالصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ ; لِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ مُصَادِمٌ لِلْإِجْمَاعِ. ثُمَّ نَقُولُ: هَبْ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ يَحْتَمْلُ أَنَّهُ مُرَادٌ مِنَ الصِّيغَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، لَكِنْ لَيْسَ الِاحْتِمَالَانِ عَلَى السَّوَاءِ، بَلِ احْتِمَالُ إِرَادَتِهِ أَظَهَرُ وَهَكَذَا نَقُولُ: إِنَّ دَلَالَةَ صِيَغِ الْعُمُومِ عَلَيْهِ ظَاهِرَةٌ لَا قَاطِعَةٌ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ إِمَّا عَقْلِيٌّ أَوْ نَقْلِيٌّ.

قُلْنَا: نَقْلِيٌ.

قَوْلُهُمْ: تَوَاتُرُهُ مَفْقُودٌ.

قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ، بَلْ هُوَ مَوْجُودٌ لِمَنِ اسْتَقْرَأَ كَلَامَ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَنَظَرَ فِي وَقَائِعِهِمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ لَكُمُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا لِلْعُمُومِ ; لِأَنَّكُمْ لَمْ تَسْتَقْرِئُوا مَوَاقِعَهَا فِي اللُّغَةِ وَمُخَاطَبَاتِ أَهْلِهَا، وَالتَّوَاتُرُ إِنَّمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ مَنْ شَارَكَ فِي سَبَبِهِ، وَإِلَّا لَاشْتَرَكَ أَهْلُ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ فِي كُلِّ قَضِيَّةٍ تَوَاتُرِيَّةٍ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ.

سَلَّمْنَاهُ، لَكِنَّ قَوْلَكُمْ آحَادُهُ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ.

قُلْنَا: نَعَمْ، لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ ظَنِّيَّةٌ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إِفَادَةِ الْعِلْمِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «وَأُجِيبَ» عَنِ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ «بِأَنَّ دَعْوَى الشَّكِّ، وَعَدَمِ الدَّلِيلِ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ لَا يُسْمَعُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>