. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ضَمِيرِ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ، نَحْوَ: ضَرَبَا وَضَرَبُوا، وَيَضْرِبَانِ وَيَضْرِبُونَ، وَضَارِبَانِ، وَضَارِبُونَ، دَلَّ عَلَى أَنَّ الِاثْنَيْنِ لَيْسَا جَمْعًا، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
فَإِنْ قِيلَ: يَجُوزُ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فَرْقًا نَوْعِيًّا بِمَعْنَى أَنَّ التَّثْنِيَةَ نَوْعُ جَمْعٍ، لَكِنَّهُ اخْتَصَّ بِمَا أَوْجَبَ إِفْرَادَهُ بِالذِّكْرِ فِي التَّكَلُّمِ وَالتَّصْنِيفِ، كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ نَوْعٌ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَيُفْرَدُ عَنْهُ بِحَدِّهِ وَخَوَاصِّهِ، وَهَذَا سُؤَالٌ قَوِيٌّ عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِالطَّرِيقِ الْعَامِّ، هُوَ أَنَّ الْجَوَازَ لَا يَكْفِي فِي الثُّبُوتِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ لَا نُنَازِعُ فِي جَوَازِ أَنَّ أَقَلَّ الْجُمَعِ اثْنَانِ، لَكِنْ فِي ثُبُوتِهِ وَوُقُوعِهِ ; فَأَيْنَ دَلِيلُهُ؟ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ مُعَارَضٌ بِجَوَابِهِ وَبِأَدِلَّتِنَا ; فَيَسْقُطُ، وَيَبْقَى الْأَصْلُ، وَهُوَ عَدَمُ دَعْوَاكُمْ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ كَانَ الِاثْنَانِ أَقَلَّ الْجَمْعِ، لَجَازَ لَفْتُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ; فَلَا يَكُونُ الِاثْنَانِ أَقَلَّ الْجَمْعِ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ ; فَلِأَنَّ أَقَلَّ الشَّيْءِ يَصْدَقُ عَلَيْهِ اسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَحَقِيقَتُهُ، كَمَا أَنَّ أَقَلَّ الْمَاءِ مَاءٌ، وَأَنَّ أَقَلَّ الْعَدَدِ عَدَدٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ ; لِأَنَّ مَعْنَى أَقَلِّ الشَّيْءِ أَنَّهُ شَيْءٌ فِي نِهَايَةِ الْقِلَّةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمْعٌ فِي نِهَايَةِ الْقِلَّةِ ; فَيَكُونُ مُشَارِكًا لِأَكْثَرِ الْجَمْعِ فِي مَاهِيَّةِ الْجَمْعِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي جَوَازَ نَعْتِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بِاعْتِبَارِ الْمَاهِيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ، أَوْ يُخْبَرُ عَنْهُ بِهِ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ اللَّازِمِ ; فَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هَؤُلَاءِ رِجَالٌ اثْنَانِ، وَلَا هَذَانِ رَجُلَانِ ثَلَاثَةٌ، وَلَا يُقَالُ: الرِّجَالُ رَجُلَانِ، وَلَا الرَّجُلَانِ رِجَالٌ، وَانْتِفَاءُ اللَّازِمِ يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْمَلْزُومِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute