. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الِاثْنَيْنِ لَيْسَا أَقَلَّ الْجَمْعِ ; فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ جَمْعًا.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: لَوْ كَانَ الِاثْنَانِ أَقَلَّ الْجَمْعِ، لَجَازَ تَأْكِيدُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ; فَلَا يَكُونُ الِاثْنَانِ أَقَلَّ الْجَمْعِ. وَتَقْرِيرُ الْمُلَازَمَةِ مَا سَبَقَ فِي الْوَجْهِ قَبْلَهُ. وَأَمَّا انْتِفَاءُ اللَّازِمِ ; فَلِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: قَامَ الرِّجَالُ كِلَاهُمَا، وَلَا قَامَ الرَّجُلَانِ كُلُّهُمْ ; فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّا قَدَّمْنَا فِي اللُّغَاتِ أَنَّ صِحَّةَ النَّفْيِ تَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْحَقِيقَةِ، وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ قَوْلِنَا: لَيْسَ الرَّجُلَانِ رِجَالًا، وَبِالْعَكْسِ، لَيْسَ الرِّجَالُ رَجُلَيْنِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاثْنَيْنِ لَيْسَا جَمْعًا حَقِيقَةً، كَمَا أَنَّ الرِّجَالَ لَيْسَ تَثْنِيَةً حَقِيقِيَّةً ; فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ أَنَّ الِاثْنَيْنِ لَيْسَا جَمْعًا بِالْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا جَمْعًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ عِنْدَ مَنْ يُطْلِقُهُ.
قَوْلُهُ: «قَالُوا: {هَذَانِ خَصْمَانِ} » ، أَيْ: قَالَ الْمُخَالِفُونَ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ وُجُوهٌ:
أَحَدُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الْحَجِّ: ١٩] ، وَخَصْمَانِ مُثَنًّى، وَالضَّمِيرُ فِي اخْتَصَمُوا ضَمِيرُ جَمْعٍ، وَقَدْ رَدَّهُ إِلَى خَصْمَانِ، وَالضَّمِيرُ يَجِبُ أَنْ يُطَابِقَ مَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّ خَصْمَانِ مُطَابِقٌ لِضَمِيرِ الْجَمْعِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ جَمْعًا ; فَإِذَنْ خَصْمَانِ جَمْعٌ، وَهُوَ مُثَنًّى ; فَالْمُثَنَّى أَقَلُّ الْجَمْعِ ; لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ إِلَّا الْوَاحِدُ، وَلَيْسَ بِجَمْعٍ بِالْإِجْمَاعِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute