. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فِي عُمُومِ الْحُكْمِ، لَكِنْ لَمَّا نَقَلَ الرُّوَاةُ أَسْبَابَ الْأَحْكَامِ، وَحَافَظُوا عَلَى نَقْلِهَا، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِالسَّبَبِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: لَوْلَا اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِسَبَبِهِ، لَمَا أَخَّرَ بَيَانَ الْحُكْمِ إِلَى وُقُوعِ السَّبَبِ، بَلْ كَانَ يَكُونُ تَقْدِيمُ بَيَانِ الْحُكْمِ قَبْلَ وُقُوعِ سَبَبِهِ أَوْلَى، لِيُصَادِفَ السَّبَبُ عِنْدَ وُقُوعِهِ حُكْمًا مُبَيَّنًا مُسْتَقِرًّا، لَكِنَّ التَّقْدِيرَ أَنَّ بَيَانَ الْحُكْمِ تَأَخَّرَ إِلَى حِينِ وُقُوعِ سَبَبِهِ ; فَدَلَّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْحُكْمَ الْوَارِدَ عَلَى سَبَبٍ جَوَابٌ لَهُ، وَجَوَابُ السُّؤَالِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا لَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِاخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِمَحَلِّ السَّبَبِ.
قَوْلُهُ: «قُلْنَا» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا جَوَابُ الْأَسْئِلَةِ الْمَذْكُورَةِ.
أَمَّا عَنِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: لَوْلَا اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِسَبَبِهِ، لَجَازَ إِخْرَاجُهُ بِالتَّخْصِيصِ ; فَبِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، وَهُوَ أَنَّ «السَّبَبَ أَخَصُّ بِالْحُكْمِ مِنْ غَيْرِهِ» ، لِاقْتِضَائِهِ لَهُ «فَلَا يَلْزَمُ جَوَازُ تَخْصِيصِهِ» ، مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ لَمَّا قَذَفَ امْرَأَتَهُ، كَانَ قَذْفُهُ لَهَا سَبَبًا لِنُزُولِ آيَةِ اللِّعَانِ، وَلَهُ بِهَا اخْتِصَاصُ السَّبَبِ بِالْمُسَبَّبِ ; فَلَوْ قِيلَ: لَا تُلَاعِنْ أَنْتَ وَلْيُلَاعِنْ غَيْرُكَ مِنَ النَّاسِ ; لَتَعَطَّلَتْ قَضِيَّتُهُ مَعَ أَنَّهَا سَبَبُ وُرُودِ الْحُكْمِ، وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ.
وَالْمُخْتَارُ فِي الْجَوَابِ: الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الْتِزَامُ جَوَازِ تَخْصِيصِ مَحَلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute