. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
السَّبَبِ إِذَا قَامَ دَلِيلُهُ، إِذِ التَّخْصِيصُ إِنَّمَا يَكُونُ بِدَلِيلٍ، وَلَوْ قَامَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي حَقِّ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَحُكْمَ الظِّهَارِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي حُقِّ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ، لَجَازَ، وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ مُحَالٌ عَقْلًا وَلَا شَرْعًا، وَتَعَطُّلُ قَضِيَّتِهِمَا غَيْرُ لَازِمٍ، لِجَوَازِ أَنْ يَحْكُمَ الشَّرْعُ فِيهِمَا بِحُكْمٍ غَيْرِ اللِّعَانِ وَالظِّهَارِ، بِحَسَبِ مَا يَرِدُ بِهِ أَمْرُ الشَّرْعِ. وَلَوْ سَلَّمْنَا تَعَطُّلُ قَضِيَّتِهِمَا مِنْ حُكْمٍ، لَمْ يَمْتَنِعْ لِجَوَازِ رَدِّهِمَا فِي ذَلِكَ إِلَى مَا قَبْلَ الشَّرْعِ مِنْ عَدَمِ الْحُكْمِ حَتَّى يَرِدَ الشَّرْعُ بِحُكْمٍ، لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.
وَأَمَّا عَنِ الثَّانِي - وَهُوَ قَوْلُهُمْ: لَوْلَا اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِسَبَبِهِ، لَمَا نَقَلَهُ الرَّاوِي، لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ - ; فَبِأَنْ نَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ نَقْلَ السَّبَبِ لَا فَائِدَةَ لَهُ، بَلْ لَهُ فَوَائِدُ:
مِنْهَا: بَيَانُ أَخَصِيَّةِ السَّبَبِ بِالْحُكْمِ، أَيْ: أَنَّ السَّبَبَ أَخَصُّ بِالْحُكْمِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ صُوَرِهِ ; فَيَمْتَنِعُ تَخْصِيصُهُ عَلَى مَا سَبَقَ فِيهِ.
وَمِنْهَا: مَعْرِفَةُ تَارِيخِ الْحُكْمِ بِمَعْرِفَةِ سَبَبِهِ، مِثْلَ أَنْ يُقَالَ: قَذَفَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ امْرَأَتَهُ فِي سَنَةِ كَذَا ; فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ ; فَيُعْرَفُ تَارِيخُهَا بِذَلِكَ، وَفِي مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ فَائِدَةُ مُعَرَّفَةِ النَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ كَمَا سَبَقَ.
وَمِنْهَا: تَوْسِعَةُ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ بِمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ بِأَسْبَابِهَا ; فَيَكْثُرُ ثَوَابُ الْمُصَنِّفِينَ، كَالَّذِينِ صَنَّفُوا أَسْبَابَ نُزُولِ الْقُرْآنِ، وَالْمُجْتَهِدِينَ بِسَعَةِ مَحَلِّ اجْتِهَادِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute