. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ التَّمَسُّكِ بِهِ فِي الْعُمُومِ.
قَوْلُهُ: «قَالُوا: قَضَايَا أَعْيَانٍ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلُ مَنْ مَنَعَ الْعُمُومَ فِي هَذِهِ الصِّيَغِ، وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ هَذِهِ قَضَايَا أَعْيَانٍ، أَيْ: قَضَايَا وَأَحْكَامٌ وَقَعَتْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَحَالٍّ مُعَيَّنَةٍ ; فَحَكَاهَا الرُّوَاةُ عَنْهُ ; فَلَا عُمُومَ فِي لَفْظِهَا، وَلَا فِي مَعْنَاهَا ; فَلَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ، ثُمَّ إِنَّ الْخِطَابَ، أَوِ الْحُكْمَ فِي تِلْكَ الْوَقَائِعِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ خاصًا بِشَخْصٍ ; فَوَهَمَ الرَّاوِي ; فَظَنَّ أَنَّهُ عَامٌّ، كَمَا قَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَعَلَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ بِشَهَادَتَيْنِ، وَلَمْ يَجُزْ التَّمَسُّكُ بِهِ فِي الْعُمُومِ، وَإِذَا احْتَمَلَ مَا ذَكَرْنَاهُ، لَمْ يَصِحَّ التَّمَسُّكُ بِهِ فِي الْعُمُومِ مَعَ تَعَارُضِ الِاحْتِمَالِ، وَلِأَنَّ الْحُجَّةَ لَيْسَتْ فِي لَفْظِ الْحَاكِي وَهُوَ الرَّاوِي، إِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي الْمَحْكِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ فِعْلُهُ، نَحْوُ: أَمَرَ وَقَضَى وَحَكَمَ، وَذَلِكَ لَا عُمُومَ فِيهِ ; لِأَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْ ذَلِكَ يَصْدُقُ بِوُقُوعِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، أَيْ: يَصِحُّ فِيمَنْ أَمَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً أَنْ يُقَالَ: أَمَرَ، وَفِيمَنْ حَكَمَ مَرَّةً وَاحِدَةً، أَوْ قَضَى مَرَّةً وَاحِدَةً أَنْ يُقَالَ: حَكَمَ، وَقَضَى، وَحِينَئِذٍ لَا يَبْقَى عَلَى الْعُمُومِ دَلِيلٌ.
قَوْلُهُ: «قُلْنَا» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا جَوَابُ دَلِيلِهِمْ. وَتَقْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute